اخر الأخبار

قانون الإيمان ضد كل تعليم هرطوقي شرير ولا نسمح سواء لأنفسنا أو لآخرين أن تتغير كلمة فيه أو أن يحذف منه مقطع كلمة واحدة


هام جدا عن قانون الإيمان: جزء من رسالة (رقم 39) من القديس كيرلس إلى يوحنا الأنطاكي
(قانون الإيمان ضد كل تعليم هرطوقي شرير ... لا نسمح بأي صورة من الصور لأي شخص أن يهز الإيمان المُحدد ... ولا نسمح سواء لأنفسنا أو لآخرين أن تتغير كلمة فيه أو أن يحذف منه مقطع كلمة واحدة) ..
"بدون إضافة شيء إلى إيمان الآباء القديسين الذي صيغ في نيقية، سوف نتكلم في كلمات قليلة، ليست إضافة بالتأكيد، لكن في ملء اليقين كما استلمنا الإيمان منذ البداية من الكتب المقدسة ومن تسليم الآباء القديسين بخصوص ما نعتقده ونفكر فيه عن العذراء مريم والدة الإله، وعن كيفية تأنس ابن الله الوحيد. وكما سبق وقلنا فإن الإيمان الموضوع في نيقية هو كافٍ لكل معرفة التقوى وللكرازة العلنية ضد كل تعليم هرطوقي شرير. وسوف نتكلم دون أن نقتحم بجسارة الأمور التي لا يمكن البلوغ إليها. ولكن في اعتراف بضعفنا، نستبعد أولئك الذين يرغبون في أن يقحموا أنفسهم في الأمور التي يعلو الفحص فيها على الإنسان.
لذلك نعترف أن ربنا يسوع المسيح ابن الله الوحيد هو إله كامل وإنسان كامل ذو نفس عاقلة وجسد، وهو مولود من الآب قبل كل الدهور بحسب لاهوته، وأنه هو نفسه في الأيام الأخيرة، من أجلنا ومن أجل خلاصنا وُلِدَ من مريم العذراء بحسب ناسوته، وهو نفسه من الجوهر نفسه الذي للآب (أو مع الآب)، حسب لاهوته، ومن الجوهر نفسه، الذي لنا (أو معنا) بحسب ناسوته، لأنه قد حدث اتحاد بين الطبيعتين. من أجل هذا نعترف بمسيح واحد، ابن واحد، رب واحد. وبهذا الفهم للاتحاد غير المختلط، نعترف بأن العذراء القديسة هي والدة الإله، لأن الله الكلمة قد تجسد وتأنس، ومنذ ذات الحمل به وَحّدَ بنفسه الهيكل الذي اتخذه منها. ونحن نعرف أن اللاهوتيين ينسبون بعض أقوال البشيرين والرسل عن الرب بأنها مشتركة بمعنى أنها تشير إلى شخص واحد، ويقسمون أقوالًا أخرى بأنها تشير إلى طبيعتين. فتلك التي تليق بالله ينسبوها إلى لاهوت المسيح، أما تلك المتواضعة فينسبونها إلى ناسوته".
وإذ قد قرأنا أقوالكم المقدسة هذه ووجدنا أننا نحن أنفسنا أيضًا نعتقد هكذا، لأنه يوجد "رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة" (أف4: 5)، مجدنا الله مخلص الكل، مهنئين بعضنا بعضًا لأن كنائسنا وكنائسكم لها الإيمان بحسب الكتب الإلهية الموحى بها وحسب تقليد آبائنا القديسين. ولكن حينما علمت أن بعضًا من أولئك الذين اعتادوا أن يتصيدوا الأخطاء بشغف ويطنوا حول البر مثل زنابير متوحشة، كانوا يتقيأون كلمات حقيرة ضدي، كما لو كنت أقول أن جسد المسيح المقدس قد نزل من السماء وليس من العذراء القديسة، رأيت من الضروري أن أتكلم قليلًا حول هذا الموضوع وأقول لهم: أيها الحمقى الذين تعرفون فقط أن تتهموا زورًا، كيف تجاوزتم الصواب في الرأي؛ وكيف فكرتم بمثل هذه الحماقة؟ لأنه من الضروري، ومن الضروري بوضوح، أن تدركوا أن كل الجهاد تقريبًا الذي خضناه من أجل الإيمان قد حاربنا فيه بسبب أننا أكدنا أن العذراء القديسة هي والدة الإله. فإذا كنا نقول أن الجسد المقدس الذي للمسيح مخلصنا جميعًا ولد من السماء وليس من العذراء، فكيف لا نزال نعتبرها والدة الإله؟ لأنه من يكون الذي ولدته أن لم يكن حقًا أنها قد ولدت عمانوئيل حسب الجسد.
فلنضحك إذن على هؤلاء الذين يهذرون بهذه التفاهات عنى. لأن النبي المبارك إشعياء لم يكذب عندما قال "هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا، ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره: الله معنا" (انظر اش7: 14، مت1: 23، 24)، وغبريال المقدس كان صادقًا تمامًا وهو يقول للعذراء القديسة "لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع" (لو1: 30، 31) "ويخلص شعبه من خطاياهم" (مت1: 21). ولكن حينما نقول أن ربنا يسوع المسيح هو من السماء ومن فوق، فنحن لا نقول مثل هذه الأشياء كما لو أن جسده المقدس قد نزل من السماء، من فوق، بل إننا بالحري نتبع بولس الموحى إليه من الله الذي صرخ بوضوح قائلًا: "الإنسان الأول من الأرض، ترابي، الإنسان الثاني من السماء سمائي" (انظر 1كو15: 47). ونتذكر أيضًا قول المخلص نفسه: "ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان" (يو3: 13).
ورغم أنه -كما قلت منذ قليل- قد وُلِدَ حسب الجسد من القديسة العذراء، ولأنه من فوق، وأن الله الكلمة نزل من السماء "وأخلى نفسه، آخذًا صورة عبد" (فى2: 7) ودعى ابن الإنسان وهو لم يزل كما كان، أي الله غير المتغير وغير المتبدل بحسب الطبيعة، ومدركًا أنه واحد مع جسده، لذلك يقال أنه نزل من السماء. ولكنه يدعى إنسانًا من السماء أيضًا، بسبب أنه الكامل في لاهوته وهو نفسه الكامل في ناسوته، ويعرف في شخص واحد. لأن الرب يسوع المسيح هو واحد، حتى لو لم نجهل الاختلاف بين الطبيعتين اللتين نقول أن الاتحاد الذي يفوق الوصف، قد صار منهما. فلتعمل قداستكم على غلق أفواه أولئك الذين يقولون أن اختلاطًا أو امتزاجًا أو اندماجًا صار لله الكلمة مع الجسد، لأنه من المحتمل أن البعض يثرثرون بهذه الأفكار أيضًا عنى، كما لو كنت قد اعتقدت بها أو قلتها. ولكنى أنا أبعد ما يكون عن التفكير بمثل هذه الأفكار، حتى إني أعتبر أن أولئك الذين يتخيلون أن مجرد ظل تغيير يمكن أن يحدث فيما يخص الطبيعة الإلهية للكلمة، هم مختلين في عقولهم. لأنه يبقى كما هو دائمًا، وهو لا يتغير، بل بالحري فهو لن يتغير ولن يكون قابلًا للتحول. وكل واحد منا يعترف أن كلمة الله، بالإضافة إلى ذلك، هو غير متألم، رغم أننا نراه هو نفسه يدبر السر بكل حكمة، وينسب لنفسه الآلام التي حدثت لجسده الخاص. وبهذه الطريقة أيضًا، فإن بطرس الحكيم جدًا يتكلم قائلًا: "وإذ قد تألم المسيح بالجسد" (انظر 1بط 4: 1) وليس في طبيعة لاهوته التي لا ينطق بها. ولكي نؤمن به أنه هو نفسه مخلص الجميع، فإنه كما قلت -بحسب تدبير تجسده- ينسب إلى نفسه آلام جسده الخاص، كما تنبأ عنه النبي القائل: "بذلت ظهري للضاربين، وخدي للناتفين وجهي لم أستر عن العار والبصق" (انظر إشعياء 50: 6).
فلتقتنع قداستكم، ولا تدع أحدًا من الآخرين يشك في أننا نتبع عقيدة الآباء القديسين من كل وجه، وخاصة أبينا المبارك والمجيد جدًا أثناسيوس، طالبين باجتهاد أن لا نبتعد عنه في أي شيء على الإطلاق. وكنت أود أن أضيف أيضًا اقتباسات كثيرة من الآباء لأعطى ثقة لكلماتي الخاصة من كلماتهم لولا أنى خفت أن تؤدى هذه (الاقتباسات) إلى أن تطول رسالتى وتصير بذلك مملة. ونحن لا نسمح بأي صورة من الصور لأي شخص أن يهز الإيمان المحدد، أو قانون الإيمان المحدد بواسطة الآباء القديسين الذين اجتمعوا في نيقية في الأزمنة الحرجة. وبكل تأكيد أيضًا، إننا لا نسمح سواء لأنفسنا أو لآخرين أن تتغير كلمة فيه أو أن يحذف منه مقطع كلمة واحدة، متذكرين الذي قال: "لا تنقل التخم القديم الذي وضعه آباؤك" (أنظر أم22 : 28). لأنهم لم يكونوا هم المتكلمين بل روح الله الآب (انظر مت10: 20) نفسه، الذي ينبثق منه وهو ليس إلا روح الابن بسبب جوهره. وبالإضافة إلى هذا فإن أقوال معلم الأسرار تشدد إيماننا. لأنه مكتوب في سفر الأعمال، "وحينما جاءوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى بيثينيا فلم يدعهم الروح (روح يسوع)" (أع 16 : 7). وبولس الموحى إليه من الله يكتب: "فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله وأما أنتم فلستم في الجسد بل في الروح إن كان روح الله ساكنًا فيكم، ولكن إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له (للمسيح)" (رو 8 : 8، 9).

قناة كلمة منفعة

ليست هناك تعليقات