اخر الأخبار

الصوم من الكتاب المقدس

 
  
   الصوم  بمفهومه الخاص هو الامتناع عن الطعام فترة معينة، يتناول الصائم بعدها  أطعمة خالية من الدسم الحيواني.  أي أن فترة الانقطاع جزء أساسي من الصوم.   لكن للصوم مفهومًا عامًا عند الآباء القديسين.  فهو في رأيهم يشتمل على كل  صنوف التقشف والنسك وقمع الأهواء والشهوات الجسدية..
 وللصوم مكانة خاصة متميزة في الحياة الروحية..  ونجد ممارسات وأمثلة عديدة للصوم في كل من العهد القديم، و العهد الجديد من الكتاب المقدس

الأصوام :
 1- صوم الأربعين المقدسة وأسبوع الآلام: الأربعين يومًا التي صامها السيد عنا.
 2- صوم يومي الأربعاء والجمعة: يوم الأربعاء تذكارًا للتآمر على المسيح له المجد، وصوم يوم الجمعة تذكارًا لصلبه.
 3- صوم الرسل: وهو أقدم الأصوام إذ صامه الرسل أنفسهم.
 4- صوم الميلاد المجيد: ومدته 43 يومًا، يبدأ من 16 هاتور (25 نوفمبر)، وينتهي بعيد الميلاد في 29 كيهك (7 يناير).
 5- صوم نينوى أو صوم يونان: ومدته 3 أيام.  ويصام تذكارا لتوبة أهل نينوى، وهو يبدأ قبل الصوم الكبير بأسبوعين.
 6- صوم السيدة العذراء مريم: ومدته 15 يوم، تنتهي بعيد صعود جسد العذراء في 16 مسرى.
 7- برمون الميلاد وبرمون الغطاس: والبرمون هو اليوم السابق للعيد، وكان  يُصام بدرجة تقشفية أكبر، فيكون انقطاعيًا طوال اليوم استعدادًا لتقبل  النعمة التي ينالها المؤمنون في مناسبة العيدين المقدسين.
     هذه  الأصوام تختلف في طقسها وفي فترة الانقطاع وفي نوع الأطعمة التي تؤكل  خلالها.  فالصوم الكبير لا يؤكل فيه السمك، وكذلك كان الحال في صومي  الأربعاء والجمعة.  ويجري هذا المجرى أيضًا في صوم يونان ويوما البرمون.   أما أيام البصخة المقدسة (أسبوع الآلام) فطقس الكنيسة الأول هو ألا يتناول  الصائم سوى الخبز والملح بعد فترة من الانقطاع، وبالنسبة للضعفاء الذي كان  يصرح لهم بالطعام كانت تُمنَع عنهم الأطعمة الحلوة المذاق.  أما باقي  الأصوام فيصرح فيها بأكل السمك.
 الصوم الانقطاعي: أما فترة الانقطاع  فالأصل أن تكون إلى الغروب بالنسبة إلى الصوم الكبير وما يجري مجراه، وإلى  الساعة الثالثة بعد الظهر في باقي الأصوام.  ولكننا ننصح بأن يُترك تحديد  فترة الانقطاع إلى مشورة أب الاعتراف وتوجيهه حسبما يراه من جهة صحة  المعترف الجسدية وحياته الروحية.
 يمتنع عن الصوم الانقطاعي في يومي  السبت والأحد على مدار السنة، ما عدا يوم سبت الفرح حيث كان السيد المسيح  في القبر، ويمتنع عن الصوم إطلاقًا خلال الخمسين يومًا المقدسة التي تعقب  عيد القيامة المجيد، وهذه هي الفترة الوحيدة التي لا يصام فيها الأربعاء  والجمعة.  ولا يكسر صوم الأربعاء والجمعة إلا إذا اتفق مع ورود عيد سيدي  كبير كالميلاد والغطاس (نلاحظ أن غالبية الأعياد السيدية الكبرى لا تأتي في  يومي الأربعاء والجمعة).
 ويوجد صوم أيضًا قبل التناول من الأسرار  المقدسة، وهو صوم انقطاعي عن الطعام لمدة تسع ساعات قبل التناول.  وإذا كان  القداس في الصباح أو بعد الظهر، يتم الصوم بدءًا من الساعة الثانية عشر  منتصف الليل.  أما إذا كان القداس مساءً، كما هو الحال في بعض الأعياد، يتم  الصوم قبل موعد التناول بتسع ساعات.
 هذه الـ9 ساعات على عدد الساعات  التي تألم فيها السيد المسيح عند صلبه، من الساعة الثالثة (9 صباحا) ساعة  الحكم عليه إلى الساعة الثانية عشر (6 مساء) ساعة دفنه بعد موته على  الصليب.
 وبالطبع كل هذا بخلاف الأصوام الشخصية أو الجماعية التي تكون  لغرض معين بخلاف الأصوام الكنيسة الطقسية..  مثل أن يصوم إنسان ثلاثة أيام  قبل الارتباط بشريك/شريكة الحياة، أو تنادي الكنيسة بصوم لمدة محددة ولغرض  محدد

هل توجد ادلة على الصيام من الكتاب المقدس ؟
 أن الصوم في  مواعيد محددة تعليم كتابي؛ فقد حدد الرب أصوام ثابتة لشعبه في العهد  القديم.  فقد ذكر في سفر زكريا النبي صوم الشهر الرابع وصوم الشهر الخامس  وصوم السابع وصوم العاشر (زك 19:8).  والحكمة من تحديد مواعيد الصوم هو  تنظيم العبادة الجماعية.  وفي المسيحية أخذت مناسبات الصوم طابعًا مسيحيًا،  لكل منه حكمته وتأثيره وهدفه الروحي.
 ومن أمثلة الصوم كذلك في العهد القديم:
     (أ) صوم الشعب أيام أستير (أس4).
     (ب) صوم أهل نينوى (يونان 3).
     (جـ) صوم الشعب أيام عزرا، ونحميا (نحميا 1:9؛ عزرا 21:8).
     (د) الصوم أيام يوئيل (يوئيل 12:2-17).

 هل في العهد الجديد إشارة إلى الصوم؟
 نعم فمثلا:
 (أ) صام الرب يسوع أربعين يوما وأربعين ليلة (أنجيل متى 2:4) صام عنا وقدم لنا مثالا لتتبع اثر خطواته.
 (ب) صام الرسل قبل القداسات (سفر أعمال الرسل 2:13).
 (ج) صاموا أيضا عند اختيار الخدام ورسامتهم (أع3:13،27:14).
 ( د) الصوم في وقت الخطر خلال رحلة بولس الرسول لروما (أع 21:27).

 يقول البعض أن السيد المسيح لم يحتم الصوم بل تركه للظروف بقوله "متى صمتم".  فلماذا نصوم في أوقات ثابتة "سنويا"؟

 أن كلمة (متى) تفيد التحقيق والتأكيد وليس الشك، بحيث يكون في حكم الواقع  المحتم مثل قول الرب: "متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة  القديسين معه" (مت31:25). وقوله لبطرس "متى رجعت ثبت أخوتك" (لوقا 23:22).
 فواضح من ذلك أن بعد كلمة "متى" حقائق مقررة ووقوعها محتم وقد حدد الرب  أوقاتًا معينة للصوم (اللاويين 29:16، زكريا 19:8، لوقا 12:18).  وحدد الرب  يسوع له المجد موعد بدء صوم الرسل بعد صعوده عنهم إلى السماء (متى 15:9)  وهذا ما تم فعلا (الأعمال 13،14،27).
 أمر الرسول بولس المؤمنين بالصوم (رسالة كورنثوس الأولى 5:7). ويجب الخضوع للترتيب الكنسي الذي وضعه الرسل وخلفائهم.

هل جميع هذه الأصوام ذكرت في العهد الجديد، وإن لم تذكر جميعها فلماذا نصومها؟

 الإنجيل مسلم للرسل فمًا لفم، ولم تدون كل تعاليم السيد المسيح (إنجيل  يوحنا 30:20؛ 31،25:21).  كما أن الإنجيل قد تم تدوينه بعد فترة من صعود  السيد المسيح، ونحن نضع تعاليم آبائنا الرسل "كإنجيل شفاهي" يكمل ما حفظ  لنا في الإنجيل الكتابي.  ونحترم ونطيع ونسمع ونقبل تلك التعاليم كاحترامنا  وطاعتنا وقبولنا وسمعنا للرب نفسه (لو 16:10). ويذكر الإنجيل أن المؤمنون  قد تسلموا تعاليم الكنيسة من الرسل وخلفائهم. (1كو23:11، 34؛ تسالونيكي  الثانية 15:2؛ 2تى2:2؛ فيلبي 9:4،2يو:12). ومن ثم نتسلم قوانين الآباء  البطاركة القديسين الذين رتبوا الأصوام الباقية للآن، ونقول كما قال القديس  أغسطينوس أن عادتنا لها قوة القانون لأننا تسلمناها من أناس قديسين.

الصوم يجب أن لا يتكرر سنويًا، ويجب أن يمارس في وقت الضيقات فقط؟ وأن يكون في الخفاء ؟

 الصوم كالصلاة والصدقة يجب أن يتكرر في موعده، وكما وضحنا فإن الرب حدد  أوقاتًا معينة للصوم، وذلك لما للصوم من فوائد روحيه كثيرة.  كما أن الصوم  الجماعي هو تعليم كتابي ويدل على وحدانية الروح في العبادة وفي التقرب إلى  الله.  كما أننا في حرب دائمة مع الشياطين، لذلك فنحن في حاجة دائمة إلى  الأسلحة الروحية المختلفة لمقاومتهم، ومن هذه الأسلحة الصوم.  لذلك يجب  التعود على أوقات الصوم في أوقاته المعينة وعدم تركه للظروف أو قصره على  أوقات الضيقات!
 أما عن الصوم في الخفاء، فهو خاص بالعبادة الفردية وليس  بالعبادة الجماعية.  لأنه يوجد هذا النوعان من العبادة: ففي الصلاة مثلًا  توجد الصلاة الفردية التي تصليها في مخدعك، وهذا لا يمنع من وجود الصلاة  الجماعية التي تصليها معًا كل جماعة المؤمنين بروح واحدة ونفس واحد وصوت  واحد (أع24:4).  كذلك في الصدقة، يوجد عطاء في الخفاء كعمل فردي، ولكن هذا  لا يمنع العطاء العام الذي يُجمَع من الكل (أخبار الأيام الأول 3:29-9؛  لو1:21، 2).  كذلك في الصوم، يوجد الصوم الفردي في الخفاء، وهذا لا يمنع  الصوم العام، لكي يشترك كل المؤمنين معًا في صومهم.

 هل ربنا حدد لنا عندما نصوم أنواع معينة من الطعام في الصوم؟
 نعم حدد الرب أنواعا معينة من الطعام تؤكل في الأصوام كما يلي :

(أ) أمر الرب حزقيال النبي بالصوم ثم الإفطار على القمح " البليلة"  والشعير والفول والعدس والدجن "الذرة الرفيعة" والكرسنة "الكمون" (حز9:4).

(ب) صام دانيال عن أكل اللحوم و شرب الخمر (دا12:1) كما صام مع أصحابه  الثلاثة وافطروا آخر النهار على القطانى "البقوليات" (دا8:1-16).
(ج) صام داود النبي بالزيت وقال: "ركبتاي ارتعشتا من الصوم ولحمى هزل عن  سمن" (المزمور 24:109). إن الصوم في كنيستنا ليس هو مجرد طعام نباتي؛ إنما  هو انقطاع عن الطعام فترة معينه يعقبها أكل نباتي من اجل لذة محبة الله  وحفظ وصاياه بحب وفرح دون ضغط أو إكراه.
  الصوم ليس مجالا لتقديم عذر لنفسك علي غضبك، وإنما هو مجال لاتساع القلب بالحب والغلبة علي روح الغضب والأنانية وكل حب للذات!

وأخيراً بعض الآيات عن الصوم
 "ففعلوا كلهم وتضرعوا الى الرب الرحيم بابكاء والصوم والسجود مدة ثلاثة ايام بلا انقطاع " (سفر المكابيين الثاني 13: 12)
 "اعلموا أن الرب يستجيب لصلواتكم إن واظبتم على الصوم والصلوات أمام الرب" (سفر يهوديت 4: 12)
 "نَادَيْتُ هُنَاكَ بِصَوْمٍ عَلَى نَهْرِ أَهْوَا لِكَيْ نَتَذَلَّلَ  أَمَامَ إِلهِنَا لِنَطْلُبَ مِنْهُ طَرِيقًا مُسْتَقِيمَةً لَنَا  وَلأَطْفَالِنَا وَلِكُلِّ مَالِنَا" (سفر عزرا 8: 21)
 "أَذْلَلْتُ بِالصَّوْمِ نَفْسِي" (سفر المزامير 35: 13)
 "قَدِّسُوا صَوْمًا. نَادُوا بِاعْتِكَافٍ. اجْمَعُوا الشُّيُوخَ، جَمِيعَ  سُكَّانِ الأَرْضِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ إِلَهِكُمْ وَاصْرُخُوا إِلَى  الرَّبِّ" (سفر يوئيل 1: 14)
 "فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللهِ وَنَادَوْا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحًا مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ" (سفر يونان 3: 5)
 "أَبْكَيْتُ بِصَوْمٍ نَفْسِي" (سفر المزامير 69: 10)
 "ثُمَّ صَارَ إِلَيَّ كَلاَمُ رَبِّ الْجُنُودِ قَائِلًا: قُلْ لِجَمِيعِ  شَعْبِ الأَرْضِ وَلِلْكَهَنَةِ قَائِلًا: لَمَّا صُمْتُمْ وَنُحْتُمْ..   فَهَلْ صُمْتُمْ صَوْمًا لِي أَنَا؟" (سفر زكريا 7: 4، 5)
 "هذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ" (إنجيل متى 17: 21؛ إنجيل مرقس 9: 29)
 "لاَ يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ،  إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ، ثُمَّ  تَجْتَمِعُوا أَيْضًا مَعًا لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ  لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس  7: 5)
 "وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ،  فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ  صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا  أَجْرَهُمْ.  وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ  وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي  فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ  عَلاَنِيَةً" (إنجيل متى 6: 16-18) 

ليست هناك تعليقات