اخر الأخبار

من هم الخمسينيين

إنهم من الطوائف البروتستانتية، والخمسينيين ينادون بالروح القدس، وكما حل الروح القدس يوم الخمسين على التلاميذ فيحل على الناس وأمور مثل هذه..

في القرن الثاني للميلاد ظهر "مونتانوس" الذي تملَّكه روح شيطاني ، فزعم بأنه الإله القادر على كل شي النازِل في صورة إنسان، وأنه الروح المعزي الذي وعد به المسيح رسله. وكان يتكلم بألسنة مناديًا بأن نبوءة يوئيل التي أشار إليها بطرس في يوم الخمسين قد تمت على أيديهم. وقد حكمت الكنيسة بهرطقته في كل من المجمعين الذين عُقِدا عامي 235 وفي القسطنطينية عام 381 مما أدى إلى اندثار هذه البدعة.

وفي الفترة التي اجتاحت فيها الأفكار اللوثرية أوروبا، ظهرت في ألمانيا جماعة تزعم التكلم بألسنة وعمل معجزات الشفاء إلا أن هذه الجماعة اندثرت أيضًا.

وفي عام 1650 قامت جماعة "الأبناء الفرنسيون" مدعين نوالهم المواهب الرسولية والتكلم بألسنة، وما لبثوا أن تفرقوا واندثروا كذلك.

وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر ظهرت من جديد في غرب اسكتلندا بدعة "الألسنة غير المفهومة"، ولما بلغ أمر هذه البدعة إلى "إدوارد إيرفينج" Edward Irving انضم إليهم وأصبح فيما بعد علمًا من أعلامها، ومنه ذاعت بين أعضاء كنيسته المشيخية في لندن، مما كان سببًا في طرده منها لزعمه أنه نطقه بألسنة غير مفهومة هي موهبة أتاه الله بها، ثم تدرجت بأن منحه جميع مواهب وأعمال الكنيسة الأولى، كما زعم أتباعه بأنهم من "الرسل والأنبياء" وانتهت بنشر تعليم تجديفي عن شخص السيد المسيح له المجد.

وقد انضم إلى هذه الجماعة "روبرت باكستر" الذي ما لبث أن اكتشف كذب هذه الجماعة وسجل في كتابه "بيان الحقائق" أن معتنقي هذه البدعة يسيطر عليهم إبليس فيجعلهم ينطقون كلمات "غير طبيعية".

كما انضمت إليها "آداهابرستون" التي توهَّمت أنها نبية، إلا أنها انفصلت عنها بعد أن اكتشفت أن شيطانًا قد سكنها وتسلَّط عليها، وقد سجلت في كتابها "نهب أمتعة القوى أو إزالة النقاب عما يسمى أرواح الخمسينيين".

إن الظهورات الشيطانية كانت تبدو في التواء مخيف في جسمها وأعضائها وعبوس غريب في ملامحها وتحريك لسانها بتمتمات غير مفهومة مع صفير وصهيل وأنّات وزفرات وتجديفات ضد الله!

إلا أن هذه البدعة قد راجَت في كل أوربا وأمريكا شأن كل البدع الغريبة، وقد وردت إلى مصر في الثلاثينيات من القرن العشرين.

ويزعم معتنقوا هذه البدعة بأنه يجب على المسيحيين أن يصلوا لكي يعتمدوا بالروح القدس حتى يستطيعون الكلام بألسنة كما تكلم المؤمنون فقي يوم الخمسين الذي يعتبرونه (أي يوم الخمسين) أهم يوم في تاريخ البشرية. ولذا فإنهم ينتسبون إليه ويتخذونه اسمًا لطائفتهم، وأن العلامة الأولية الخارجية المنظورة لمعمودية الروح القدس هي "التكلم بألسنة" وكل مسيحي لا يتكلم مثلهم بالسنة غير مفهومة ليس مسيحيًا!!

* التكلم بألسنة

1- الهدف الإلهي من موهبة التكلم بالألسنة في يوم الخمسين هو دخول الأمم لحظيرة الإيمان، وقد كانت موهبة مرافِقة لحلول الروح القدس عند العماد ووضع اليد كبرهان على قبول هؤلاء المُعَمَّدين في الإيمان، مثل النار التي كانت تنزل من السماء في العهد القديم لتلتهِم الذبيحة، وكعلامة رضا إلهي وقبول لها.

2- وكانت هذه الموهبة عملًا تعبيريًا، ثم صارت عملًا تسبيحيًا، ثم أضحت أقل المواهب الروحية درجة، إذ صارت سببًا في التعالي إلى حد الكبرياء.

3- وقد اعتبر التكلم بالألسنة موهبة من مواهب الروح القدس ومرافقًا لحلوله عند العماد ووضع اليد، لكن بولس الرسول يطلب أن يَجِدّوا لما هو أفضل لخلاص النفس البشرية، ولم يكن التكلم بالألسنة هو الموهبة الوحيدة للروح القدس إن لم تكن أدنى المواهب.

4- ون ظاهرة التكلم بألسنة هي ظاهرة مشتركة بين الروح القدس والملائكة والناس والشياطين، وأنه ليس من السهل أن نميز بين كل هذه الأنواع إلا إذا كان هناك تجديف على الله.

5- أما عن فوائده فهو أمر لبنيان المؤمن الشخصي، إذا كان تكلمًا حقيقيًا بغير إدعاء أو اصطناع، أما إذا كان غير حقيقي أو غير مصحوب بترجمة فهو كلام في الهواء أو نوع من الهذيان وتشويش على العبادة والعابدين وقطع لخلواتهم مع الله وعثرة لغير المؤمنين.

6- إن هذه الموهبة ليست للجميع كما قال بولس الرسول (رسالة كورنثوس الأولى 30:12) بل هي آية لغير المؤمنين (1كو22:14) وأنه ليس من الضروري التكلم بألسنة لإثبات حلول الروح القدس على المؤمنين أو الخدام، فكم من خدام مباركين على مر العصور كانوا سبب بركة عظيمة للخدمة والمخدومين ولم يتكلموا بأية ألسنة.

7- وانه ليس هناك حاجة للتكلم بألسنة في الوقت الحاضر بعد أن انتشرت كلمة الخلاص لكل الشعوب، وتُرجِمَت كلمة الله بكل اللغات واللهجات، وقد انتهى عصر التكلم بالألسنة كما سبق أن تنبأ بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (1كو8:13).

أما ظاهرة الارتجاف أو الارتعاد التي تصاحب صلواتهم وينسبونها إلى حلول الروح القدس عليهم، إلى جانب ظاهرة التكلم بألسنة غير مفهومة لا تؤلِّف عبارات لا وجود لها في عالم اللغات الحية أو الميتة، فإنها مظاهر صبيانية يقع فريسة لها أصحاب الأعصاب الضعيفة المهزوزة التي لا تقوى على احتمال الانفعالات عندما تشتد بهم بعض الفورات العاطفية. أما الارتعاد فهو كارتعاد المصروعين ممن أصابتهم ضربة القمر من رءوس الأهلة (مزمور 6:120) أو أدركهم مسّ من الشيطان أو الجان أو الأرواح النجسة ممكن ذكرهم الإنجيل (إنجيل متى 24:4؛ 14:17؛ أنجيل مرقس 26:1؛ 20:9، 26؛ أنجيل لوقا 35:4؛ 39:9، 42). فتلك الهزات العصبية التي تصيب أولئك لا علاقة لها بالروح القدس، وإنما هي حالات متفاوتة من الصرع، وهو مرض يصيب من لهم استعداد جسمي أو عصبي أو نفسي لهذه اللمسة التي لا صلة لها بالروح القدس. فهو ارتعاب لا إرادي؛ فلا الكتب المقدسة ولا كتب آباء الكنيسة ولا كتب التاريخ حدَّثتنا هن هذا الارتعاد اللاإرادي كظاهرة روحية مقدسة.


أصل ومنشأ موهبة التكلم بألسنة

بدأت هذه الموهبة كموهبة من مواهب الروح القدس في الكنيسة الأولى، فقد أعطى الروح القدس للرسل أن يبشروا بألسنة جديدة. وكان هدف الموهبة هو بنيان الكنيسة وليس مجرد إحداث تشويش أو نوعًا من الاستعراض. ويحكى لنا سفر الأعمال عن حلول الروح القدس في يوم الخمسين فيقول: "وامتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى، كما أعطاهم الروح أن ينطقوا. وكان يهود رجال أتقياء من كل أمة تحت السماء، ساكنين في أورشليم، فلما صار هذا الصوت اجتمع الجمهور وتحيروا لأن كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغته، فبهت الجميع وتعجبوا قائلين بعضهم لبعض أترى ليس جميع هؤلاء المتكلمين جليليين، فكيف نسمع نحن كل واحد منا لغته التي ولد فيها، فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين، واليهودية وكبدوكية وبنتس وآسيا وفريجيه وبمفيليه ومصر ونواحي ليبيا، التي نحو القيروان والرومانيون المستوطنون، يهود ودخلاء، كريتيون وعرب نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله" (أع 4:2-11). إذا كانوا يتكلمون بلغات معروفة ومفهومة لمواطنيها. أما ما يحدث الآن من الخمسينيين هو أنهم يقولون أننا امتلأنا من الروح القدس، ثم يتكلمون بألسنه غير مفهومة، هذه الألسنة ليست لغات حقيقية، بل لغات ليس لها وجود في العالم. أما في بداية هذه الموهبة فلم يكن هكذا، بل بدأت بلغات معروفة، وذلك كتعويض لما حدث يوم بلبلة الألسن عندما أراد الرب أن يفرق شعوب الأرض فبلبل ألسنتهم. أما في يوم الخمسين فأراد الرب أن يوحّد البشر لذلك أعطاهم أن يتكلموا بلغات جديدة، لكي يوحّدهم عن طريق انتشار الكرازة بالإنجيل، فتصير رعية واحدة لراع واحد. وذلك لكي يتحقق ما قاله السيد لهم "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر 15:16).

كان السيد المسيح يقصد أن يرسلهم، على ألا يكون لهم احتياج في إرساليتهم لمن يترجم لكي لا تتعطل الكرازة. لأنهم سوف يذهبون إلى بلاد غريبة فكيف يجدون فيها مترجمًا؟ وإن كان المترجم وثنيًا هل سيوافق على أن يقوم بترجمة ما يقولونه..؟ ومن الممكن أيضًا أن هذا المترجم يطلب أجرًا عاليًا، لذلك أعطاهم الألسنة ليسهَّل لهم الطريق للكرازة.


ادعاءات الخمسينيين

ادعاؤهم بأن هناك نوعان من الألسنة :

1- ألسنة الكرازة وهى لغات حقيقية.

2- ألسنة الصلاة وهى لغات غير معروفة في العالم، ويعتبرونها ألسنة الملائكة.

وللرد على ذلك لدينا شهادة يوم الخمسين:

* نعود إلى سفر الأعمال فنجد أن الرسل وقت التكلم بالألسنة لم يكونوا في حالة الكرازة بل كانوا في حالة صلاة. فإذ كانوا يصلون ثم "صار بغتةً من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة" (أع 2:2)، فلما صار هذا الصوت اجتمع الجمهور وتحيروا، وتجمع الناس حول البيت من الخارج، فماذا كانوا يسمعون؟ يقول الكتاب "نسمع كل واحد منا لغته التي ولد فيها" (أع 8:2).

* "نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله" (أع 11:2).. إذن لم يكونوا يبشرون بل كانوا يصلون وكل منهم يتكلم بلسان، ولسانه هذا يسمعه الناس خارجًا ويفهمونه.

* الكتاب يقول "لما حضر يوم الخمسين كان الجميع بنفسٍ واحدة" (أع 1:2) وهذا يعنى أيضًا أنهم كانوا يصلون. حسبما هو وارد في (أع 14:1)، "كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة".

* "امتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى، كما أعطاهم الروح أن ينطقوا" (أع 4:2). كلمة "أخرى" تعنى لغة غير لغتهم الأصلية. فهم يتكلمون بلغات أخرى لكن لم يكن معهم آخرون غير الرسل.

ومن غير المعقول أن الآباء الرسل سيكرز كل منهم للآخر، ويقول له "تب وآمن بالإنجيل". لأنهم في بداية تكلمهم بألسنة لم يكن الناس قد وصلوا بعد إلى المكان، لكن أثناء تسبيحهم وتكلّمهم بألسنة بعظائم الله، تجمع الناس وسمعوهم.

فى هذه النقطة يختلف الناس بين عقيدة وعقيدة: إذا صدَّقوا إنه لا يوجد ما يسمى بألسنة الكرازة وألسنة الصلاة. فإنهم يقولون لمن له موهبة الألسن: أن كانت لديك موهبة ألسن حقيقية، قل لنا لغة لم نتعلمها، مثلًا ألماني أو روسي أو هندي، فلا يقدر أن يقول كلمة واحدة، لكن يقول كلامًا غير مفهوم. فهل من يوم نشأة البروتستانتية لم يوجد ولا بروتستانتي واحد أعطاه الروح القدس أن ينطق بلغة حقيقية مفهومة؟ بل كلها همهمات وكلمات غير مفهومة لا وجود لها في قاموس اللغات نهائيًا.


قضية ألسنة الملائكة

يقول الخمسينيون أن ألسنة الصلاة هي ألسنة الملائكة، وللرد نقول أن الكتاب المقدس لم يقل "إن كنت أتكلم بألسنة الناس، وألسنة الملائكة" بل قال "إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة" (1كو 1:13). فكلمة "ألسنة" هنا التي ذكرت بصيغة الجمع، إنما تشير إلى اللغات العديدة التي يتكلم بها الناس، مضافًا إليها "لسان الملائكة" وليس "ألسنة الملائكة". لأنه لو كان للملائكة ألسنة متعددة لاحتاجوا أن يترجم بعضهم لبعض، ولما كانت بينهم وحدة في الفكر، وهذا غير ممكن. كما أن تعدد الألسنة وانقسامها لم يحدث إلا للبشر فقط عندما أخطأوا في بناء برج بابل بروح التعالي والكبرياء، فبلبل الله هناك ألسنتهم (تك 1:11-9).

ولو كانت موهبة الألسنة إلى تُعطى في الصلاة يقصد بها لسان الملائكة، ما كان بولس الرسول يشير إليها بصيغة الجمع "التكلم بألسنة" كما يتضح من الأمثلة التالية:

* "لأن من يتنبأ أعظم ممن يتكلم بألسنة" (1كو 5:14).

* "أشكر إلهي إني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم" (1كو 18:14).

* "إذًاً الألسنة آية لا للمؤمنين بل لغير المؤمنين" (1كو 22:14).

* "فإن اجتمعت الكنيسة كلها في مكان واحد وكان الجميع يتكلمون بألسنة، فدخل عاميون أو غير مؤمنين أفلا يقولون أنكم تهذون؟!" (1كو 23:14).

وعلاوة على ذلك فإن لغة الملائكة أي أسلوب التفاهم بينهم، هي بلا شك لغة مفهومة وغالبًا تكون لها قواعدها ومعانيها، وليست مجرد أصوات مرتبكة ورطانة بلا معنى. الأمر الذي أشار إليه بولس الرسول بقوله: "هكذا أنتم أيضًا إن لم تعطوا باللسان كلامًا يفهم فكيف يعرف ما تكلم به، فأنكم تكونون تتكلمون في الهواء. ربما تكون أنواع لغات هذا عددها في العالم، وليس شيء منها بلا معنى" (1كو 9:14، 10).

كما أن الملائكة أرواح، والتفاهم بين هذه الأرواح يعلو على مرتبة الحس والصوت المسموع بالأذن الحسية، فلغتهم لغة خاصة بهم كأرواح غير مادية، فكيف للبشر إذن أن يتكلموا بهذه اللغة الملائكية؟! لذلك قال القديس بولس الرسول أنه حينما "أختطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها" (2كو 4:12). كما أن ما في السماء هو "ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه" (1كو 9:2). وأين يوجد الملائكة؟ أليس في السماء يحيطون بالعرش الإلهي ويسبحونه ويمجدونه كل حين. فإذا كان هذا ما لم تسمع به أذن حسبما هو مكتوب في العهد الجديد فكيف يدّعى البعض أنهم يتكلمون بألسنة الملائكة التي لم تسمع بها أذن على الأرض؟ هل وصلوا الآن إلى ما لم يصل إليه الآباء الرسل على الأرض بعد صعود السيد المسيح إلى السماء. وكيف يسمع الجميع من الحاضرين تائبين وغير تائبين ما لم تسمع به أذن وما لا يسوغ لإنسان أن يتكلم عنه، على أن الملائكة إذا كلموا البشر، كمرسلين من الله برسالة إلى أحد من الناس، فإنهم يتكلمون بلغة البشر وبصوت مسموع.

ونورد قولًا للقديس يوحنا ذهبي الفم يحسم هذا الموضوع مؤكدًا أن ألسنة الصلاة هي لغات من لغات البشر المعروفة إذ قال: (أرأيت كيف يصل الرسول بالتدريج إلى نقطة حاسمة في حديثه عن التكلم بألسنة؟! فيوضح أنه بلا فائدة، ليس للسامعين فقط بل أيضًا للمتكلم بها في قوله: "أما ذهني فهو بلا ثمر" (1كو 14:14). لأنه إن نطق إنسان بالفارسية أو بأي لغة أجنبية ولم يفهم ما يقول فهو بالتأكيد سوف يكون بربريًا عند نفسه، وليس عند الآخرين فقط إذ أنه لا يعرف ما تكلم به. فكثيرون في القديم ممن كانت لهم موهبة الصلاة مع موهبة التكلم بألسنة، بينما كانوا يصلون كانوا يتكلمون بألسنة. فكانوا

يصلون بالفارسية أو باللاتينية، ولكنهم ما كانوا يفهمون ما يصلون به. فلهذا قال الرسول: "إن كنت أصلى بلسان فروحي تصلى، وأما ذهني فهو بلا ثمر"(1).

ويعلق ناشرو مجموعة أقوال الآباء على قول القديس يوحنا ذهبي الفم السالف الذكر بقولهم: (من هذه الفقرة ومثيلتها في العظة التالية يتضح أن ذهبي الفم قد فسّر التكلم بألسنة بلغات لم يسبق أن تعلمها المتكلم).

ونضيف إلى ذلك قول الكتاب "إني بذوي ألسنة أخرى وبشفاه أخرى سأكلّم هذا الشعب" (1كو 21:14؛ أش 11:28) وكان الكلام موجهًا إلى شعب إسرائيل. وكذلك قول الكتاب "ربما تكون أنواع لغات هذا عددها في العالم، وليس شيء منها بلا معنى" (1كو 9:14).

تفسير (1كو 1:14) بطريقة خاطئة

استنادًا إلى قول بولس الرسول: "اتبعوا المحبة ولكن جدوا للمواهب الروحية وبالأولى أن تتنبأوا، لأن من يتكلم بلسان لا يكلم الناس، بل الله. لأن ليس أحد يسمع. ولكنه بالروح يتكلم بأسرار. وأما من يتنبأ فيكلم الناس ببنيان ووعظ وتسلية، من يتكلم بلسان يبنى نفسه، وأما من يتنبأ فيبنى الكنيسة، إني أريد أن جميعكم تتكلمون بألسنة، ولكن بالأولى أن تتنبأوا لأن من يتنبأ أعظم ممن يتكلم بألسنة، إلا إذا ترجم حتى تنال الكنيسة بنيانًا، فالآن أيها الأخوة إن جئت إليكم متكلمًا بألسنة، فماذا أنفعكم إلا أن أكلّمكم إما بإعلان أو بعلم أو بنبوة أو بتعليم" (1كو 1:14-6).

يتخذ الخمسينيون من الآية الأولى وسيلة لإثبات معتقدهم، وذلك بتفسيرها تفسيرًا خاطئًا له خطورته. ويقدمون بهذا مفهومًا يدعو للتشكيك، كيف؟ يقول نص الآية "لأن من يتكلم بلسان لا يكلم الناس بل الله لأن ليس أحد يسمع ولكنه بالروح يتكلم بأسرار".

وهم يفسرونها كما يلي:

إنه يكلم الله ولا يكلم الناس. إذًا ليس من الضروري أن يتكلم بلغة يفهمها الناس.

لذلك فإن أي واحد منهم إذا تكلم كلامًا غير مفهوم يقولون أنه امتلأ من الروح القدس وأصبح قديسًا عظيمًا!

فهل هناك فعلًا ما يسمى بألسنة غير مفهومة تدعى ألسنة الصلاة؟

وإذا لم يكن فلماذا يقول القديس بولس "لا يكلم الناس بل الله.." والله فاهم ما يقال وهذا يكفى.

وللرد على ذلك:

يشرح معلمنا القديس بولس هنا حالة أو وضع عكس الحالة والوضع الذي يرغبه أو يفضله لهم، إنه يريد أن يقول لهم أنكم تستخدمون موهبة الألسنة استخدامًا غير مطلوبًا، فما يشرحه إذن ليس هو الوضع الأمثل أو المفضل. لكنه يشرح أو يحكى وضعًا.. هم يمارسونه بما في ذلك نتائجه. فهو لا يقصد أن يقول أن المفروض في موهبة الألسن أن يتم فيها الشرح الذي ذكره.

ولكنه يقصد أن يقول أن من يستخدم هذه الموهبة بالطريقة التي ذكرها يكون هذا حاله، وهو لا يفضل هذا الوضع ولا يرغب فيه بالنسبة لهم. وينبغي ملاحظة أنه قال عن التكلم بألسنة غير معروفة للسامعين (حتى وإن كانت لغات حقيقية) "لأن ليس أحد يسمع" ويقصد أن السامع لا يفهم والمتكلم "يتكلم بأسرار" كما قال. كما نلاحظ أسلوب المفاضلة الذي ذكره في هذه الفقرة بقوله "من يتكلم بلسان لا يكلم الناس.. وأما من يتنبأ فيكلم الناس". وكذلك فإن الآيات التابعة توضح المعنى أكثر فيقول:

* "إن جئت إليكم متكلمًا بألسنة فماذا أنفعكم" (1كو 6:14-11). ليس المقصود هنا بكلمة ألسنة لسان الكورنثوسيين ولكن المقصود هو الكلام بألسنة لا يعرفونها، فما الفائدة التي سوف تجدي من سماع لغة غير مفهومة.

ولذلك يكمل في عدد 9 "هكذا أنتم أيضًا إن لم تعطوا باللسان كلامًا يُفهم فكيف يعرف ما تُكُلّم به. فإنكم تكونون تتكلمون في الهواء. ربما تكون أنواع لغات هذا عددها في العالم وليس شيء منها بلا معنى. فإن كنت لا أعرف قوة اللغة أكون عند المتكلم أعجميًا والمتكلم أعجميًا عندي" (1كو 9:14-11). من الكلام السابق يتضح أنه يتكلم عن ألسنة للغات معروفة مفهومة، كما يتضح أن ما شرحه في عدد 2 ليس هو الوضع الذي يفضله لكنه يشرح ما يفعلونه هم، وهو وضع لا يفضله الرسول. لأنه عندما ينطق الروح القدس بلغة حقيقية وإن كان الحاضرون لا يفهمونها فهو يتكلم بأسرار. فهي موهبة لسان ولكن من استفاد؟ لا أحد! أما من يتنبأ بمعنى من يعظ فهو يكلم الناس ببنيان ووعظ فستفيدون.


الاحتجاج بأن "من يتكلم بلسان يبنى نفسه" (1كو 4:14)

أحيانًا يأخذ الخمسينيون هذه الآية ليدللوا على فائدة الألسنة، وللرد عليهم نقول: إن موهبة الألسنة كانت موجودة في العصر الرسولي. فكيف يبنى الرسل أنفسهم لو تكلموا بلسان؟ هي مجرد حالة امتلاء من الروح القدس. مثل كاهن يحب اللغة القبطية جدًا فيصلى

القداس كله باللغة القبطية، ويكون هو في حالة تعزية ومتهلل، لكن الناس لا يفهمون شيئًا مما يقوله.

"أنى أريد أن جميعكم تتكلمون بألسنة ولكن بالأولى أن تتنبأوا، لأن من يتنبأ أعظم ممن يتكلم بألسنة، إلا إذا ترجم حتى تنال الكنيسة بنيانًا" (1كو 5:14).

يريد القديس بولس أن يقول لهم إنه ليس ضد التكلم بألسنة، ولكنه يرى أنهم يستخدمونها بطريقة غير مناسبة. لذلك قال "من يتكلم بلسان يبنى نفسه وأما من يتنبأ فيبنى الكنيسة" (1كو 4:14). وقال أيضًا إن كنت تريد أن تصلى فأطلب من الله أن يُعطِى أخاك، أن يُعَطى أن يُترجم ما تصلى به، أو أطلب أنت من الله موهبة الترجمة لنفسك. وبذلك يكون ما تقوله بمثابة رسالة من الله للكنيسة. "من يتكلم بلسان فليصلِ لكي يترجم" (1كو 13:14).

ولكن ما الداعي لهذا كله وعندنا الآن الأناجيل والرسائل. في العصر الرسولي لم تكن الأناجيل والرسائل قد كتبت بعد. لذلك كان الروح القدس يرسل رسائل عن طريق المواهب داخل الكنيسة.

* ويقول القديس بولس "أشكر إلهي إني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم" (1كو 18:14)، فمهما كان عندكم من أعداد للألسنة فقد أعطاني الروح عددًا أكبر منكم في الألسنة ولكنى لا استخدمها كثيرًا (هذا يوضح أنه يتكلم عن لغات حقيقية) ثم يكمل قائلًا:

* "لكن في كنيسة أريد أن أتكلم خمس كلمات بذهني لكي أُعُلم آخرين أيضًا أكثر من عشرة آلاف كلمة بلسان" (1كو 19:14). هنا المقصود بالكلمات التي بذهنه أي كلمات يفهمها السامع. وهذا يوضح أن القديس بولس يعترض على كثرة استخدام موهبة التكلم بألسنة فيقول "لا تكونوا أولادًا في أذهانكم، بل كونوا أولادًا في الشر، وأما في الأذهان فكونوا كاملين. مكتوب في الناموس إني بذوي ألسنة أخرى وبشفاه أخرى سأكلم هذا الشعب، ولا هكذا يسمعون لي يقول الرب" (1كو 20:14، 21).

*إذًا الألسنة آية لا للمؤمنين بل لغير المؤمنين" (1كو 22:14). أي أن الألسنة يمكن أن تكون آية لغير المؤمنين فتستخدم للتبشير وتكون وسيلة لنشر الإنجيل. فيمكن أن تستخدم كمعجزة من معجزات الروح القدس، أو كعلامة ليس للمؤمنين بل لغير المؤمنين. فإن كلم الرسول أو المبشر الناس بلغتهم التي لم يكن يعرفها فسوف يتساءلون: كيف تعلم هذا لغتنا؟! وتكون هذه وسيلة لكي يبدأوا في الاستماع لما يقول.. والكلام سيكون مفهومًا بالنسبة لهم لأنه بلغتهم. وحتى إذا تكلم بلغة حقيقية وهى ليست لغتهم وهم لم يفهموا شيئًا منها، فإن كانوا متأكدين أن ما تكلم به هو لغة معروفة وحقيقية لم يتعلمها فستكون هذه معجزة أو علامة(1) في نظرهم.. فهذا ليس مطلوبًا للمؤمنين بل لغير المؤمنين، إما للكرازة لنشر الإنجيل، أو كعمل خارق يشد انتباههم فيؤمنون.

* "أما النبوة أي الوعظ فليست لغير المؤمنين بل للمؤمنين" (1كو 22:14). فإن كانت موهبة الألسنة قد وهبت للكنيسة من أجل غير المؤمنين لكي تصل الكرازة للعالم كله، فالآن وكل من في الكنيسة هم مؤمنون فلماذا الألسنة إذن؟ وما فائدتها؟ هل يريد من يتكلم بألسنة أن يثبت للناس المؤمنين أنه يعمل معجزة؟ هل من أجل مجد الناس؟! لذلك قال لهم "أيها الأخوة لا تكونوا أولادًا في أذهانكم، بل كونوا أولادًا في الشر وأما في الأذهان فكونوا كاملين.. إن اجتمعت الكنيسة كلها في مكان واحد، وكان الجميع يتكلمون بألسنة فدخل عاميون أو غير مؤمنين أفلا يقولون أنكم تهذون" (1كو 20:14،23).

بمعنى أن كل واحد يقول كلام بلغة مختلفة عن الآخر ولا أحد يفهم شيئًا. لا المتكلمون يفهمون ما يقولونه ولا من يسمعونهم أيضًا يفهمون. هذا يحدث حينما تمارس موهبة الألسن في غير قصد الكرازة لغير المؤمنين، حتى أن غير المؤمنين أنفسهم لا يستفيدون منها لأنهم لم يسمعوا لغتهم الأصلية من شخص لم يتعلمها، كما حدث يوم الخمسين في كرازة الرسل، إذ كان السامعون يسمعون لسانًا جديدًا ينطق به الرسل وهو لغتهم التي ولدوا فيها، والمتكلم من الرسل كان متميزًا عن سائر المؤمنين من أصحاب الموهبة بأنه يملك تلقائيًا موهبة الترجمة أيضًا، غير محتاج أن يطلبها لنفسه في الصلاة، ولهذا كان يفهم ما يقوله لحظيًا كأنه يعرف اللغة.

بدأ القديس يوضح أن التنبؤ كما أنه يفيد المؤمنين، فمن الممكن أن يفيد غير المؤمن أو العاميين فقال: "ولكن إن كان الجميع يتنبأون فدخل أحد غير مؤمن أو عامي، فإنه يوبخ من الجميع ويحكم عليه من الجميع" (1كو 24:14). أما قوله السابق أما النبوة فليست لغير المؤمنين بل للمؤمنين فالمقصود به أن النبوة (بمعنى الوعظ الروحي) لا تبدو كمعجزة مبهرة لغير المؤمن في وقتها، وإنما تفيد المؤمن المحتاج إلى تعليم. ولكنه عاد وأوضح أنها تفيد غير المؤمن أيضًا.

وقد يشعر البعض أن الكلام عن الألسنة بالنسبة لغير المؤمنين فيه تضارب، لأنه يبدو وكأنه عكس بعضه البعض بما أنه يقول في (1كو 22:14) "إذًا الألسنة آية لا للمؤمنين بل لغير المؤمنين" وفى (1كو 23:14) يقول "إن اجتمعت الكنيسة وكان الجميع يتكلمون بألسنة، فدخل عاميون أو غير مؤمنين أفلا يقولون أنكم تهذون". فهو يريد أن يقول أن هناك مواقف تكون فيها الألسنة بمثابة تثبيت لغير المؤمنين لأن معجزة قد حدثت، فغير المؤمن يرى أحدًا يتكلم بلغة لم يتعلمها - كما حدث في يوم الخمسين - وكانت هذه وسيلة ليؤمن الناس، وعلامة أن هؤلاء الرسل أخذوا عطية فائقة من الله. وهنا أصبحت الألسنة آية لغير المؤمنين آمنوا بواسطتها، ولكنه عاد فقال إذا افترضنا أن غير المؤمن دخل إلى الكنيسة ووجد بها شوشرة ولغات عديدة لا يستطيع أن يفهم شيئًا منها، فهو لا يستفيد. والفرق هو أنه في يوم الخمسين كان كل واحد يسمع لغته ففهم أن هذه لغة حقيقية، وتعجب كيف تعلم الرسل هذه اللغة. إذا افترضنا أن شخصًا من كورنثوس مثلًا دخل إلى الكنيسة وسمع شوشرة، لغات متعددة وكثيرة: ياباني - روسي - هندي - لاتيني وغير ذلك، وهو لا يعرف هذه اللغات جميعها، فكيف سيحكم أن هذه معجزة؟ إنه لن يستفيد شيئًا.. فيكون إذن من الأفضل له أن يستمع إلى عظة لكي يوبخ بواسطتها. وهكذا يتضح أن كلام معلمنا بولس ليس فيه تناقض أو تضاد.

وما يدعو للعجب في هذا الأمر هو أنه كيف يكون لدى الإنسان موهبة من مواهب الروح القدس ويسئ استخدامها، ومعلمنا بولس الرسول هنا هو الذي يضع لها الضوابط؟! وكان الأولى أن الروح القدس نفسه لا يوافق ولا يقوم بالعمل ويمنع الموهبة. ولكن ما حدث في العصر الرسولي هو أن المواهب كانت تتدفق بغزارة جدًا. وأعطاها الله تقريبًا لكل المؤمنين، لأن الكنيسة كانت في بداية تكوينها. حفنة بسيطة من الناس، كان مطلوبًا منها أن تنشر الإنجيل في الخليقة كلها في فترة يسيرة من الزمن -ثلاث أو أربع سنوات في البداية- ثم تتسع الكرازة في خلال أربعة عشر سنة أخرى، فكيف يحدث هذا بهذه السرعة؟ يحتاج الأمر إلى مواهب كثيرة واحد يخرج شياطين وآخر يتكلم بألسنة وآخر يشفى أمراض وغير ذلك من المواهب.

وأيضًا.. إن عطايا الروح القدس هي بلا ندامة، فهو لا يعطى أحدًا موهبة ثم يسحبها مرة أخرى، ولكن.. طريقة الروح القدس عجيبة. وحقًا إن إلهنا كله حنان ورأفة، فالروح القدس يعطى الموهبة للإنسان ثم يُفَهّمه كيف يستخدمها بدون أن يسحبها منه، فيقول له: لكي تكون هذه الموهبة نافعة للكنيسة استخدمها بالطريقة الفلانية.

في إمكان الروح القدس طبعًا أن يسحب الموهبة ممن يستخدمها استخدامًا غير مناسب، لكن سحب الموهبة من الممكن أن يصيب الإنسان بحالة إحباط. وهذا يرينا أسلوب ربنا الحنون في المعاملة.. فهو يترك الناس يتألقون في المواهب التي لهم وتزداد حرارتها حتى ولو كان فيها تجاوزات. ثم بأسلوب التعليم الصحيح يحاول أن ينظم هذه التجاوزات. مثل أب يريد أن يتعلم ابنه السير، فيتركه يتعثر أحيانًا ويقوم ثم يقع إلى أن يتعلم، ولكن في نفس الوقت تكون عينه عليه، ويلاحظه لكي لا يتعرض لمتاعب تفوق طاقته، وهذا يعطيه نضوجًا في شخصيته.

وهكذا... نجد أن الله يترك الناس يستخدمون الموهبة أحيانًا بطريقة هو نفسه غير راضٍ عنها. لكنه مع مرور الوقت يُعلّم الصواب ويهذب السلوكيات، لذلك قال لهم في نفس الرسالة "لأن الله ليس إله تشويش بل إله سلام" (1كو 33:14).

مثلًا إن كانت لدى أحد موهبة الصوت الجميل، واستخدمها بطريقة خاطئة كأن يتعاجب بصوته، فبدلًا من أن يدمر الله له حنجرته، ينظم له الأمر ويعلمه كيف يستخدم هذا الصوت الجميل.


ضوابط في استخدام موهبة الألسنة

أكمل القديس بولس الرسول تعليمه فقال "هكذا أنتم أيضًا إذ أنكم غيورون للمواهب الروحية اطلبوا لأجل بنيان الكنيسة أن تزدادوا، لذلك من يتكلم بلسان فليصلِ لكي يترجم، لأنه إن كنت أصلى بلسان فروحي تصلى وأما ذهني فهو بلا ثمر. فما هو إذًا. أصلى بالروح وأصلي بالذهن أيضًا، أرتل بالروح وأرتل بالذهن أيضًا" (1كو 12:14-15).

من الممكن أن يصلى الإنسان بروحه، بينما عقله لا يفهم ما يقول.

من الممكن أن يصلى بأي لغة ويكون متمتعًا، خاصة لو كان متهللًا وممتلئًا بالروح القدس. ولكن الرسول في هذه الحالة يوصيه بأن يطلب من الله أن يمنحه موهبة الترجمة لكي يفهم بذهنه ما يصليه بروحه لبنيان الكنيسة.

ويستطرد معلمنا بولس الرسول شارحًا كيفية استخدام الموهبة "وإلا فإن باركت بالروح فالذي يُشغِل مكان العامي، كيف يقول آمين عند شكرك لأنه لا يعرف ماذا تقول. فإنك أنت تشكر حسنًا ولكن الآخر لا يبنى. أشكر إلهي إني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم، ولكن في كنيسة أريد أن أتكلم خمس كلمات بذهني لكي أعلِّم آخرين، أيضًا أكثر من عشرة آلاف كلمة بلسان" (1كو 16:14-19) من هذه يتضح أنه لا يريد كثرة استخدام الألسنة، لتوجد فرصة للتعليم المباشر.


تنظيم المواهب

استطرد القديس بولس الرسول في رسالته قائلًا:

"فما هو إذًا أيها الأخوة متى اجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور، له تعليم، له لسان، له إعلان، له ترجمة. فليكن كل شيء للبنيان. إن كان أحد يتكلم بلسان فاثنين اثنين، أو على الأكثر ثلاثة ثلاثة وبترتيب وليترجم واحد. ولكن إن لم يكن مترجم فليصمت في الكنيسة وليكلم نفسه والله. أما الأنبياء فليتكلم اثنان أو ثلاثة وليحكم الآخرون، ولكن إن أعلن لآخر جالس فليسكت الأول. لأنكم تقدرون جميعكم أن تتنبأوا واحدًا واحدًا ليتعلم الجميع، ويتعزى الجميع وأرواح الأنبياء خاضعة للأنبياء. لأن الله ليس إله تشويش بل إله سلام" (1كو 26:14-33).

الرسول هنا يوضح أن موهبة الترجمة هي التي تحكم موهبة الألسنة -رغم كونها ألسنة حقيقية طبعًا- لكن إن لم يوجد من يترجم فحتى لو هو لسان حقيقي فليسكت. وإن وجد مترجم فليكن بترتيب، يتكلمون اثنان اثنان أو ثلاثة ثلاثة ولكن ليس في وقت واحد ولكن الواحد تلو الآخر.

أما الأنبياء فليتنبأ اثنان أو ثلاثة، بمعنى واحد تلو الآخر، وليس أن يتنبأوا في وقت واحد. وليحكم الآخرون. من هم الذين يحكمون على موهبة التنبؤ؟ الذين يحكمون هم الذين لهم موهبة تمييز الأرواح كما هو وارد في (1كو 7:12) "لكل واحد يعطى إظهار الروح للمنفعة فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة.. ولآخر نبوة، لآخر تمييز الأرواح ولآخر أنواع ألسنة، ولآخر ترجمة ألسنة".

إذن صمام الأمان لموهبة الألسنة هو موهبة الترجمة. وصمام الأمان لموهبة التنبؤ هو موهبة تمييز الأرواح. فعندما تكون الكنيسة مجتمعة وجاءت رسالة لأحد المؤمنين، فمن لهم موهبة تمييز الأرواح يلاحظونه ليتأكدوا هل هذه الرسالة من الله أم لا. "امتحنوا الأرواح هل هي من الله" (1يو 1:4). بمعنى أن ليس كل من يقول أي كلام مدعيًا النبوة، أو ليس كل من ينطق بكلام غير مفهوم تكون عنده موهبة من الله.

كتب أحد الذين بحثوا في موضوع التكلم بألسنة ويدعى (هوكنج) ما يلي: (كان الرسول يحتم على انه في حالة استعمال الألسنة، يجب أن تكون هناك الترجمة، حتى يستطيع الكل أن يحكموا فيما إذا كان الكلام من الله أم من روح آخر.فلا تخدع).

ثم يتساءل قائلًا: (كيف يتسنى لنا نحن الآن أن ننفذ هذه الوصية "امتحنوا الأرواح هل هي من الله" (1يو 1:4) إذا كان ما يقال (في التكلم بألسنة) لا معنى له لدى السامعين؟ وإن كان أحد يترجم اليوم، كيف نعلم أن الترجمة ليست كاذبة أيضًا؟ فإذا كانت موهبة الترجمة قد انقطعت مع موهبة الألسنة من الكنيسة، فبالضرورة تكون الترجمة كاذبة.

وقد أورد شهادة أحد المنشغلين بهذا الموضوع ويدعى (س. بولوفينا) حيث يقول: (عرض لي أن دخلت اجتماع أصحاب الألسنة، وإن كنت أنا نفسي أجنبيًا لي إلمام بخمس أو ست لغات، أردت أن أستوثق من صحة دعواهم، فجلست في أحد المقاعد الأمامية لأسمع ما ينطقون به، وقد دهشت لأنني وجدتهم لم يفوهوا بأية لغة من اللغات التي طرقت سمعي أثناء طوافي في أوربا وآسيا. ولشدة رغبة الاشتياق فقد أخذت معي في المرة التالية سبعة من العلماء بلغات كثيرة وأخبرتهم برغبتي، فدخلنا سويًا وأخذنا مجلسنا بين المقاعد الأمامية كالأمس. ولما كان بينهم رجل ادعى بحصوله على موهبة الترجمة، وبدأوا في حركتهم المعتادة، ولم أقدر أنا وزملائي أن نفهم لفظة واحدة مما رطنوا به، وأخيرًا قام

المترجم وقال أن المتكلم الأول استعمل اللغة الروسية. وقد دهشت لهذا الإدعاء المكشوف لأنني كنت أجيد اللغة الروسية.

ومرة أخرى حضرت اجتماعهم وبعد أن أتموا ما اعتادوا عليه وقفت أنا الآخر واقتبست (يو 3:3) ونطقته بلغة أهل هنغاريا. وكم كانت دهشتي عظيمة حينما وقف المترجم وقال: تكلم الأخ باللغة الفرنسية وكان كلامه عن (أع 19).

إذن هذه الأمور تحتاج إلى حذر شديد وتحفظ حتى لا يقع أحد في حبال إبليس وخداع الشيطان.

فمن خلال هذه المعايير والضوابط نستطيع أن نحكم على ما يحدث إن كان هو من الله أو من الشيطان أو من اندفاعات جسدية وعاطفية تنجرف بمفهوم المواهب، مما يتيح المجال لظهور التقليد الزائف للمواهب الفائقة.

أما عن قول القديس بولس الرسول "ولكن إن لم يكن مترجم فليصمت في الكنيسة وليكلم نفسه والله" (1كو 28:14) فقد علق القديس يوحنا ذهبي الفم على "فليكلم نفسه والله" فقال: أي بذهنه أو بهدوء وبدون ضوضاء إن كان سيتكلم. فهذا الأسلوب ليس أسلوب فرض قانون بل هو أسلوب تخجيل. إذا لم يحتمل الصمت وكان تواقًا للمجد الباطل "فليكلم نفسه". وهكذا نرى أنه بعد أن صرَّح بذلك (أي بالتكلم بالألسنة) فإنه يضع ضوابط شديدة ويخجلهم، كما فعل في مواضع أخرى "فإنني أقول ذلك لتخجيلكم" (1كو 34:15).

* ونلاحظ تنظيم الرسول لاستخدام المواهب ووضعه لبعض الضوابط لذلك "ولكن إن أعلن لآخر جالس فليسكت الأول" (1كو 30:14)، ألم يكن ممكنًا أن الروح القدس نفسه يتوقف عن منح الموهبة عندما يعلن لآخر؟ لا، لأن المفروض أن نفس المتكلم يتوقف لكي يتعلم النظام، لكي يعطى فرصة لغيره. هو عنده موهبة، ولكن غيره أيضًا عنده موهبة، فهل يزاحم؟ بالطبع لا. وكأن الروح القدس يختبر أصحاب المواهب، فقد أعطى الروح الموهبة ويريد أن يرى إن كان صاحب الموهبة مغرور بها أم أنه يفرح بعمل الروح القدس في شخص آخر غيره أيضًا. والعجيب حتى فيما يختص بمواهب الروح القدس فإنه من الممكن أن الإنسان في ضعفه يزاحم بها الآخرين!! لكن المتواضع يأخذ الموهبة ويستخدمها بأسلوب يفرح قلب الله. وآخر يأخذ الموهبة فتكون سببًا في هلاكه. وعن ذلك قال يوحنا ذهبي الفم (بدون هذا تتحول الموهبة إلى دينونة لمن أخذها)


ثمار الروح ومواهب الروح

ولذلك فإنهم عندما يقولون لرب المجد "أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة (مواهب الروح القدس)" (مت 22:7). نسمعه يقول لهم "أنى لم أعرفكم قط أذهبوا عنى يا فاعلي الإثم" (مت 23:7) لماذا؟ لأنهم لم يسلكوا حسب الوصية. هم يقولون له أنهم كانوا أصحاب مواهب. وهو يقول وهل الموهبة هي التي تخلصكم؟!

الموهبة لا تخلص الإنسان ولكن ثمر الروح هو الذي يخلص الإنسان. فمواهب الروح القدس ممكن أن تكون سبب دينونة له. والمواهب وزنة سيحاسب الإنسان عليها إذا أساء استخدامها.

"أما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان" (غل 22:5). ومن الواضح أن ثمر الروح هو علامة تفاعل الإنسان مع سكنى الروح القدس فيه. وبدون الثمار لا تستحق شجرة أن تبقى إلى الأبد، بل على العكس يلعنها السيد مثل شجرة التين غير المثمرة قائلًا: "لا يأكل أحد منك ثمرًا بعد إلى الأبد" (مر 14:11). لأنه لم يجد فيها الثمر المطلوب بالرغم من الأوراق الكثيرة التي توهم بأنها شجرة عظيمة ولكنها بلا ثمر.


هل تستمر موهبة التكلم بألسنة في الكنيسة؟

* يقول القديس بولس الرسول "والألسنة فستنتهي" (1كو 8:13).

* كتب ميلتياد، طبقًا لما ذكره يوسابيوس (القرن الرابع) ضد بدعة المونتانية أن يكفوا عن الكلام غير المفهوم، الغامض، حيث أن موهبة التكلم بألسنة قد أدمجت في موهبة النبوة(1).

* والقديس يوحنا ذهبي الفم في القرن الخامس كتب في شرح الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس (1:12-10) فقال (إن هذا الجزء من الكتاب المقدس غير واضح تمامًا وذلك بسبب جهلنا، وبسبب نقص هذه الأمور التي كانت تحدث في القديم ولكنها لا تحدث الآن)(2) وهذا الكلام معناه أن هذه الموهبة لم تكن موجودة في الكنيسة في القرن الخامس. فلماذا؟

الفرق بين العصر الرسولي والعصور التالية له

لأن الإنجيل كان قد انتشر في العالم كله، فلم تعد هناك حاجة لهذه الموهبة. وفى يومنا هذا.. الكتاب المقدس مكتوب في 1500 لغة، فما الاحتياج للألسنة. في الكنيسة الأولى كانوا يجتمعون ولم تكن الأناجيل أو الرسائل قد كتبت بعد، وكيف كانوا سيعرفون السيد المسيح؟ فيقول لهم معلمنا بولس "متى اجتمعتم فكل واحد له مزمور" لكن هل ستظل الكنيسة في ظلال العهد القديم؟ فقط في المزامير؟! لذلك أكمل القديس بولس وقال: "لَهُ تَعْلِيمٌ، لَهُ لِسَانٌ، لَهُ إِعْلاَنٌ، لَهُ تَرْجَمَةٌ. فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ" (1كو 26:14).

لذلك فلعدم وجود الأناجيل والرسائل مكتوبة في العصر الرسولي، قام الروح القدس بإعطاء هذه المواهب، فمثلًا يعطى واحدًا إعلانًا فيحل عليه الروح القدس، ويقف ليقول "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن الله... الخ" وآخر يقول: "أما ولادة يسوع فكانت هكذا..." وهكذا... لذلك يقول لهم كنوع من التنظيم عندما يعطى إعلانًا لواحد يسكت من كان يتكلم بإعلان قبله. وهذا يعنى أن الروح القدس يريد أن ينقل الإلهام بطريقة لطيفة وهادئة، والمتكلم يستطيع أن يدركها بنفسه.

أما الآن فالروح القدس نفسه الذي يعطى هذه الإعلانات في الكنيسة الأولى، أوحى إلى القديس متى فكتب إنجيله، كما أوحى إلى القديس مرقس، وإلى القديس لوقا وإلى القديس يوحنا، وإلى سائر الآباء الرسل فكتبت الأناجيل وسفر الرؤيا، وقبلتها الكنيسة الرسولية كإعلان من الروح القدس.

وفى سفر الرؤيا مثلًا قال "إعلان يسوع المسيح الذي أعطاه إياه الله ليرى عبيده ما لا بُد أن يكون عن قريب... طوبى للذي يقرأ والذين يسمعون أقوال النبوة" (رؤ 1:1، 3). فما معنى أن يقف في الكنيسة الآن من يقول: أن لديه رسالة أو إعلان؟... هل ستأتي لنا بما هو أعظم مما كتب في الأناجيل والرسائل والرؤيا؟! هل سيبشر أفضل من بشارة الآباء الرسل؟! هل هناك من كتب مثلما كتب القديس بولس رسالة العبرانيين وفسر فيها بوحي إلهي علاقة العهد القديم بالعهد الجديد بأسلوب رائع؟!

من أجل هذا.. بدأ الروح القدس في بلورة الموقف، فيقال لنا في الكنيسة "قفوا بخوف من الله وأنصتوا لسماع الإنجيل المقدس" وفى وقت قراءة الإنجيل في الكنيسة، نشعر أن الله نفسه هو الذي يتكلم لأن الكتاب المقدس هو أنفاس الله.

لذلك.. بدأت مواهب معينة تستمر في الكنيسة، ومواهب أخرى تنحسر بالتدريج، وقد انتشرت الكرازة في العالم كله.. فمثلًا لو أردت أن أعظ في ألمانيا أو في أي دوله أخرى لا أعرف لسانها سأجد الكثيرين يمكن أن يترجموا ما أقول، فما الداعي لموهبة الألسنة إذن؟ لهذا قال الكتاب "الألسنة فستنتهي".

قد يتساءل البعض قائلًا إن المواهب تبنى الروح من الداخل وتبنى الكنيسة في التعليم، فكيف يتمتع الإنسان بالحياة مع الله بدون موهبة الألسنة؟ وللإجابة على ذلك نقول أن الإنسان يتمتع بسماعه للإنجيل الذي يقرأ في الكنيسة وأن يعيش القداس ويرفع قلبه نحو السماويات بقوة الروح القدس العامل في الأسرار.

أصبحت الكنيسة مرتبة ومؤسسة على صخر الدهور، وكل شيء فيها أصبح بلياقة وبحسب ترتيب. علينا الآن أن ننتفع بهذه النعم والخيرات الموجودة في الكتب المقدسة التي سطرها الروح القدس. ولسنا في احتياج لأن يقول أحد بإعلان "قال الرب يسوع كذا وكذا...".

فهل ستظل إلى المنتهى كل مجموعة من المؤمنين إذا اجتمعت تخرج لنا بكلام من عندياتهم وينسبونه إلى الله؟ وماذا في النهاية؟!


هل هي حاليًا علامة حلول الروح القدس في الكنيسة؟

يعتبر الخمسينيون حاليًا أن موهبة التكلم بالسنة هي علامة حلول الروح القدس في الكنيسة. ويقولون إن الكنيسة التي ليس لها موهبة التكلم بألسنة ليس فيها الروح القدس، لأنه عندما حل الروح القدس يوم الخمسين تكلموا بألسنة، وعندما حل في بيت كرنيليوس تكلموا بألسنة كعلامة لحلول الروح القدس. فعلامة الامتلاء من الروح القدس عندهم هي التكلم بألسنة.

وللرد على ذلك نقول :

إن القديس بولس الرسول عندما ذكر المواهب لم يذكر أن الكل تكلموا بالسنة بل قال "ألعل الجميع يتكلمون بألسنة؟ ألعل الجميع يترجمون؟" (1كو 30:12). ثم قال بصريح العبارة أن هذه المواهب ليست لجميع الناس. فإن كان الأمر هكذا فلا داعي لأن نقول أنها العلامة الوحيدة للامتلاء من الروح القدس. يقول: "أنواع مواهب موجودة لكن الروح واحد... هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كو12 :4، 11).

ثم يقول في (1كو 28:12-30) "فوضع الله أناسًا في الكنيسة أولًا رسلًا، ثانيًا أنبياء، ثالثًا معلمين، ثم قوات، وبعد ذلك مواهب شفاء أعوانًا تدابير وأنواع ألسنة. ألعل الجميع رسلًا. ألعل الجميع أنبياء. ألعل الجميع معلمون. ألعل الجميع أصحاب قوات. ألعل للجميع مواهب شفاءٍ. ألعل الجميع يتكلمون بألسنة. ألعل الجميع يترجمون؟".

إذن فلا مجال للإدعاء بأن هذه هي العلامة الوحيدة للامتلاء من الروح القدس. لأنه على الرغم من أن موهبة التكلم بالألسنة قد توقفت في الكنيسة، إلا أن المواهب الأخرى لم تتوقف. فموهبة شفاء الأمراض مثلًا ظلت باقية بصورة واضحة وقوية جدًا عبر الأجيال. وظلت القوات موجودة حتى أن الكنيسة نقلت جبل المقطم في أحد العصور. وما زالت المعجزات وظهورات القديسين سواء معجزات من أجساد القديسين أو كنتيجة لسر مسحة المرضى، كما أن إخراج الشياطين لازال موجودًا في الكنيسة إلى يومنا هذا.

وأيضًا في جيلنا هذا ظهرت السيدة العذراء مرتين ظهورًا قويًا استمتع برؤيته وبركاته مئات الألوف من الناس مسيحيون وغير مسيحيين، أرثوذكس وغير أرثوذكس، وهذا الظهور اقترن بمعجزات لا حصر لها.

فهل هذا كله لا يوازن أن يقف واحد يقول كلامًا غير مفهوم بلغة لا وجود لها، أو آخر تحدث له تشنجات أو يقع على الأرض أو يغمى عليه.. إلخ. - هل هذه هي الكنيسة؟!! هل هذه هي الكنيسة المجيدة التي بلا عيب، المزينة مثل عروس لرجلها، هل هي مجرد هذه الظواهر الغريبة والهمهمات غير المفهومة والأصوات التي تشبه أصوات الحيوانات. هل هذا هو الامتلاء من الروح القدس؟!!

بدعة الألسنة هذه ظهرت أولًا في كنيسة إنجلترا.. فنسأل أين هي كنيسة إنجلترا اليوم؟ أين الشعب المسيحي الذي يحيا حسب المسيح؟ وكم عدد الذين يصلون في الكنائس؟... فإن كانت حقًا هذه هي كنيسة الروح القدس فأين شعبها؟ ولماذا ضاع؟

إن كانوا يقولون أن هذه هي كنيسة الروح القدس (أي الكنيسة الخمسينية في أوربا وفى أمريكا)، أو الكنيسة الحية التي امتلأت من مواهب الروح. إذًا نريد أن نرى قوة يوم الخمسين وهى تعمل لكي تغير أوربا كلها وتأخذها إلى الحياة مع المسيح.

لكن عندما نرى في أوربا وفى أمريكا الناس وقد انصرفوا عن الكنائس حتى تحولت إلى متاحف أو يجرى بيعها، وقد انصرف شعبها عنها وانشغلوا بملاه العالم والجسد وملذات الدنيا الباطلة... فهل الروح القدس غير قادر أن يعمل؟! هل فقط التكلم بألسنة هو المسيحية كلها.. وليست المسيحية هي حق وعمل وقداسة!

لذلك حذرنا السيد المسيح من أن نذهب أو نسعى وراء كل ظاهرة غريبة. والرسل أيضًا حذرونا قائلين "لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله؟" (1يو 1:4)، والقديس بولس حذر أن ضد المسيح عندما يأتي سيكون مجيئه بعمل الشيطان وبقوة معجزات كاذبة (أنظر 2تس 9:2). فليست كل معجزة خارقة للطبيعة هي من الله. المعجزة وحدها لا تكفى..

أين الإيمان المسلم مرة للقديسين..؟! أين التسليم الرسولي؟ أين الكنيسة التي امتدت عبر كل هذه الأجيال؟ الكنيسة التي قال عنها السيد المسيح أن أبواب الجحيم لن تقوى عليها. وأيضًا قال للرسل: "أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم" (يو 16:15).. أين كانت الكنيسة قبل ظهور الحركة الخمسينية في القرن السادس عشر؟! هل كان الروح القدس غائب عن الكنيسة طيلة هذه القرون؟!!! وقد قال لها "لحيظة تركتك وبمراحم عظيمة سأجمعك" (أش 7:54) وقال لها أيضًا "بفيضان الغضب حجبت وجهي عنك لحظة وبإحسان أبدى أرحمك يقول وليك الرب" (اش 8:54). أين الكنيسة عروس المسيح إن كانت متوقفة على أصحاب الألسنة الذين لم يكن لهم وجود طوال هذه القرون ثم ظهروا الآن في آخر الزمان؟ هل كانت بدون الروح القدس طوال هذه الأجيال؟!!

كل الشواهد تقول أن الكنيسة عمود الحق وقاعدته (1تى 15:3) كما كتب عنها.. المؤسسة على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية. انظر (أف 20:2).

ليست هناك تعليقات