شهود يهوه وهرطقاتهم - الجزء الثالث
شهود يهوه يُنادون بأن جَسًد المسيح لم يقم، وأنّه كوَن لنفسه أجسَادًا يظهَر بهَا ثم حَلّها
معتقدهم:
· يقولون في كتاب (الخليقة)(1):
مات يسوع على الصليب كإنسان. ويجب أن يبقى ميتًا كإنسان إلى الأبد. وحقه في الحياة كإنسان قد بذله لحياة العالم.
· وفي كتاب (ليكن الله صادقًا)(2) قالوا عن معموديته:
"إن يسوع طلب معمودية، وهو مصمم على بذل بشريته، مفارقًا إياها إلى الأبد".
· وقالوا(3):
نعم، بذل يسوع حياته البشرية، مضحيًا بها إلى الأبد.
· ويقولون في كتاب (قيثارة الله)(4) عن الله:
وهكذا أقام فتاه بطبيعة إلهية جديدة. وأخفى جسده الأول بطريقة لا نعرفها، وفي مكان مناسب لا يعلمه إلا هو.
· ويقولون(5):
إن الأجساد التي كان يسوع يظهر نفسه فيها لتلاميذه بعد قيامته، لم تكن هذا الجسد الإلهي الذي لمحه بولس على طريق دمشق. بل كانت أجسادًا استعارية يكونها الرب عند مسيس الحاجة, لكي يتمكن تلاميذه من رؤيته بسهولة. وبهذه الوسيلة يقتنعون أنه قد قام من الأموات. وبغيرها لا يمكن إقناعهم.
أما الجسد الذي بذله يسوع على الصليب ودُفن في القبر، فقد أخرجه الملاك من القبر بقوة الله الخارقة وأخفاه. ولو أنه بقى في القبر، لتعذر على التلاميذ والذين آمنوا بكلامهم أن يعتقدوا بقيامة يسوع من الأموات.
· ويقولون(6):
"مات يسوع بالطبيعة البشرية، وقام بالطبيعة الإلهية.. كان إنسانًا مدة وجوده على الأرض. ولكنه عند قيامته صار رسم جوهر الله، الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره.." (عب 1: 3).
· وفي كتاب (الحق يحرركم)(7) يقولون:
إنه لم يظهر بهيئة بشرية حتى لتلاميذه، إلا في خلال الأربعين يومًا بعد القيامة وقبل صعوده إلى السماء.
الطريقة الوحيدة التي سيراه فيها الناس على الأرض في مجيئه المجيد هي بأعين الفهم وقوى التميز. وهذا تدعمه أيضًا كلمات (الرؤيا 1: 7).
فكما إختفى عن أعين تلاميذه وراء السحاب عند صعوده، هكذا يجعله السحاب هنا غير منظور. إلا أن السحب في الوقت ذاته رمز لحضوره غير المنظور.
بناء على ذلك فإن مجيئه الثاني لن يُشاهد بالأعين البشرية..
· وفي ص 300 يقولون:
الجسد الذي رآه التلاميذ صاعدًا نحو السماء، لم يكن هو الجسد الذي سُمر على الخشبة، بل جسدًا كوَنه من عناصر المادة لذلك الحين فقط، حتى يظهر لهم. ولما أخفته السحابة عن أعينهم، حلّ الجسد إلى عناصره كما فعل بالأجساد الأخرى التي أتخذها في غضون الأربعين يومًا السابقة.
لذلك هو حق مقدس مقرر على أن الأعين البشرية لن تراه في مجيئه الثاني، ولا هو سيأتي في جسد بشرى. ولما جاء في الجسد في حضوره الأول بين الناس كان ذلك اتضاعًا "أخلى ذاته..". وكان الجسد ضروريًا حتى يقدر أن يكون إنسانًا كاملًا، ويُعد ذبيحة الفداء أو ذبيحة الخطية.
وفى تأملهم عبارة "ها أنا آتى كلصّ" (رؤ 16: 14-16) قالوا: اللص يأتي بدون تنبه سابق، بدون إعلان، بهدوء. ويجتهد أن يظل غير منظور من الذين في البيت. وهذا برهان آخر على أن مجيء المسيح كروح هو غير منظور..
· وفي (كتاب قيثارة الله)(8) قالوا:
"فالجسد الذي جسّه التلاميذ حينئذ لم يكن جسمًا روحانيًا بل بشريًا. أما الجسد الذي يلبسه الرب في السماء فهو جسد ممجد، ولا يقدر أحد أن ينظره ويحيا، بدون قوة خصوصية فائقة يمنحها يهوه".
إن الله منح بولس قوة فائقة، لكي يرى الرب في جسده الممجد. لأنه لما كان مسافرًا إلى دمشق، أبرق حوله نور من السماء. إنه لم ينظر الجسد الممجد نفسه، بل لمعانه فقط".
· وقالوا(9):
"إن يسوع ظهر يوم قيامته وفي أيام تالية لتلاميذه وسائر ذويه ومحبيه. ولكنه لم يظهر لهم في الجسد الذي بذله على الصليب. ولا في الثياب التي لفوه بها عند دفنه.. ثم أنه لو قام يسوع بالجسد العادي، لما كان تردد التلاميذ في معرفته عند ظهوره".
· وفي كتاب (ليكن الله صادقًا)(10) قالوا:
"وظل بعد القيامة يظهر نفسه لتلاميذه بهيئات بشرية مختلفة، كما كان ملائكة الله قديمًا يفعلون"
وقالوا أيضًا "لم يصعد إلى السماء بجسمه البشرى. وأنه ليس إنسانًا بعد. لأنه لو صعد كذلك، لبقى أوطى من الملائكة إلى الأبد".
· وفي كتاب (الحق يحرركم)(11) قالوا عن المسيح:
إنه صعد إلى السماء "في جسم روحاني غير مقنّع أو مستتر مجده بجسد بشرى يحمل جرح حربة في جنبه، وأثر مسمار في يديه ورجليه، وخدوش شوك في جبينه، وعلامات وخطوطًا من ضرب السياط على ظهره".
· وفي كتاب (قيثارة الله)(12) قالوا:
من أين جاء بالجسد الجديد، إذا كان لم يقم بالجسد الذي صُلب فيه؟
إننا على ثقة من أن يسوع لم يقم بجسده الترابي، لأنه ظهر لتلاميذه مرة وهم مجتمعون في العلية والأبواب مغلقة" (يو 20: 19- 26). فالحل الوحيد لهذه المشكلة أن الرب قام من الأموات شخصًا إلهيًا، وله قدرة على تكوين جسد بشرى بالصورة والثياب التي يختارها، وفي الزمان والمكان الذي يعينه..
عندما جاء خصيصًا لإقناع توما، لأنه طلب الاقتناع عن طريق النظر واللمس، فرأى الرب موافقته على ما أراد. ولذلك ظهر له بجسد فيه آثار مسامير وحراب لإقناع توما. لأنه لا يمكن أن يقتنع بغير تلك الطريقة التي طلبها.
ولقد كان له مقدرة فائقة على تكوين أي جسد أراده، لكي يظهر فيه ثم يحله إلى عناصره البسيطة عندما أراد ذلك. وهذا يفسر لنا ظهوره في العلية والأبواب مغلقة: فإنه حال وجوده بينهم، لبس جسدًا بشريًا، وإرتدى ثيابًا عادية خلقها في تلك اللحظة ثم حلّها بأسرع من لمح البصر واختفى.
· وقالوا(13):
مات يسوع بالطبيعة البشرية، وقام بالطبيعة الإلهية.. كان يسوع إنسانًا مدة وجوده على الأرض. ولكنه عند قيامته صار رسم جوهر الله (عب 1: 3).
· وفي كتاب (ليكن الله صادقًا)(14) قالوا:
"فإن تلك الحياة البشرية الكاملة، مع كل ما يقترن بها من حقوق وآمال، قد بذلها يسوع بموته الذي ذاقه لا بسبب إثم ولا عصيان.
وعندما أقيم يسوع من الأموات، لم يسترجع الحياة البشرية التي ضحى بها بموته. ولكنه أقيم شخصًا روحيًا خالدًا ممجدًا".
ملخص بدعَتهم:
1- إن الجسد المصلوب أخذه ملاك من القبر وأخفاه.
2- الجسد الذي رآه التلاميذ بعد القيامة وجسوه، والذي رآه توما وجسّه، والذي صعد إلى السماء، لم يكن هو الجسد الذي صُلب ومات.
3- لم يصعد بالجسد المصلوب، وإلا كان يصعد بجسد مشّوه، ويكون أقل من الملائكة.
4- كان المسيح يكوّن لنفسه أجسادًا لإقناع تلاميذه بالقيامة. ثم يحل هذه الأجساد.
5- المسيح بذل بشريته عن حياة العالم بموته بمعنى أنه ضحى بها إلى الأبد وهكذا فقد بشريته إلى الأبد.
6- لن تراه عيون البشر في مجيئه الثاني. بل سيأتي بطريقة غير منظورة يمكن إدراكها بالفهم.
الرد علىَ هذه البدعَة:
1- عبارة "إن ملاكًا أخذ الجسد من القبر وأخفاه" هي مجرد إدعاء لا يوجد ما يسنده في الإنجيل المقدس.
2- ما يقولونه عن أن السيد المسيح كوّن لنفسه أجسادًا فيها آثار الجروح لكي يُقنع التلاميذ وتوما. فهذا نوع واضح من الخداع والكذب لا يليقان بالرب.
فتوما كان يريد أن يضع أصبعه في مكان الجروح التي للجسد الذي صُلب من أجله. وليست جروح أي جسد آخر!! فكيف يخدعه الرب بجسد غير الجسد المصلوب، وفيه آثار جروح يضع توما يده عليه فيؤمن وهو منخدع. لأن الجسد غير الجسد، والجروح غير الجروح التي أراد توما أن يتأكد من قيامة الجسد بواسطتها.
ونفس الخداع بالنسبة للتلاميذ أيضًا، حينما يقول لهم الرب جسّوني وانظروا، إن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" (لو24: 39). فيصدقون خداعًا، بينما لا علاقة لذلك الجسد بجسد "يسوع المصلوب" كما بشرّ به الملاك أنه قام (مت 28: 9، 10).
إذن هو أشعرهم أن الجسد الذي صُلب عنهم قد قام. بينما ما قد جسوه ليس هو الجسد القائم! أليس هذا كذبًا.
3- يقولون إنه ما دام قد بذل ذاته البشرية، فقد انتهت إلى الأبد. بينما هذا يخالف قول الرب "إني أضع ذاتي لآخذها أيضًا. ليس أحد يأخذها منى. بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها، ولى سلطان أن آخذها" (يو 10: 17، 18).
إذن بذله لذاته، ليس معناه أنه أضاعها إلى الأبد. كذلك قيل "هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد.." (يو 3: 16) فهل بذله هذا يعنى ضياع الابن الوحيد إلى الأبد؟!
4- وبمفهومهم في بذل الذات، هل يعنى ذلك أن الشهداء الذين يبذلون ذواتهم، قد أضاعوها إلى الأبد؟
5- القيامة هي قيامة الجسد. فإن كان الجسد لم يقم، لا تكون هناك قيامة إذن. لأن الجسد الذي مات لم يقم.
6- نلاحظ في كلامهم لونًا من التناقض. فأحيانًا يقولون إن المسيح قد قام روحًا، وأحيانًا بجسد ممجد. ويكررون عبارة هذا الجسد الممجد في كتبهم. وأحيانًا يقولون إنه قام "شخصًا إلهيًا" أو "رسم جوهر الله"...
7- إن بشرية المسيح التي يقولون إنها انتهت إلى الأبد، هي بشرية لها قيمتها. لأن فيها الرب يسوع أظهر حبه وبذله واتضاعه. وأظهر فيها مثاليته في كمال السيرة. فكيف تفنى إلى الأبد؟
8- صعود الجسد بجروحه، لا يعنى أنه مشوّه، ولا أن مجده قد استتر، ولا أنه أقل من الملائكة. فجراح المحب ليست تشويهًا، بل هي مجد وفخر. وهكذا جراح الشهداء أيضًا. ولا ننسى أن القديس يوحنا رآه في سفر الرؤيا كخروف كأنه مذبوح (رؤ 5: 6). ولم يكن الذبح نقصًا بل مجدًا.
9- كذلك من جهة عبارة (أوطى من الملائكة). فقد ورد في الرسالة إلى العبرانيين أنه "بعدما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي، صائرًا أعظم من الملائكة.." (عب 1: 3، 4).
10- دليل بقاء بشريته، بقاء لقبه (ابن الإنسان) بعد قيامته.
[و لم يستخدم بدلًا منه لقب الابن، والكلمة، والابن الوحيد].
11- لقبه بولس الرسول بلقب "باكورة الراقدين" (1 كو 15: 23) في حديثه عن قيامة الأجساد. وقال "إن لم تكن قيامة أموات، فلا يكون المسيح قد قام. وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا وباطل أيضًا إيمانكم. ونوجد نحن شهود زور.." (1 كو 15: 15، 14).
12- بعد القيامة تسمى أيضًا يسوع، وهو اسمه البشرى:
وهكذا تكرر اسمه يسوع في قصة استشهاد القديس إسطفانوس الذي "رأى مجد الله، ويسوع قائمًا عن يمين الله" فقال "أنا أنظر السماء مفتوحة، وابن الإنسان قائماَ عن يمين الله" (أع 7: 56، 54)، وفي استشهاده قال "أيها الرب يسوع، اقبل روحي" (أع 7: 59).
فمن الذي رآه إسطفانوس؟ أليس الرب يسوع في بشريته؟ لأن اللاهوت لا يستطيع أحد أن يراه. ولا الروح يمكنه أن يراها.
13- كذلك عندما ظهر لشاول الطرسوسي، قال له "أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده" (أع 22: 8). "أنا يسوع" (أع 9: 5). وهذا يدل على بشريته. فلم يقل له أنا الابن أو الكلمة.
14- وهكذا ظهر لبولس الرسول في رؤيا. وقال له "تكلم ولا تسكت. لا تخف" (أع 18: 9). ومرة أخرى قال القديس بولس "رأيته.. وقال لي: ها أنا أرسلك بعيدًا إلى الأمم" (أع 22: 18، 21). فمن الذي رآه بولس الرسول؟ أليس الرب في بشريته؟ وكذلك ظهر له مرة أخرى وأرسله ليشهد له في روما (أع 23: 11).
15- وبالمثل رآه يوحنا الإنجيلي في أول سفر الرؤيا. وقال "إعلان يسوع المسيح (رؤ 1: 1). وقال "سلام.. من يسوع المسيح.. البكر من الأموات الذي غسلنا من خطايانا بدمه" (أع 1: 5). وكل هذه ألقاب وأعمال بشريته.
16- ورآه يوحنا في الرؤيا في تجلى طبيعته البشرية. فقال له الرب "أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتًا. وها أنا حي إلى أبد الآبدين". وهذا عن بشريته طبعًا، لأنه فيها كان ميتًا...
17- ويقول في آخر سفر الرؤيا "أنا يسوع.. أنا أصل وذرية داود" (رؤ 22: 16). كلمة يسوع هي اسمه كإنسان. وعبارة "ذرية داود" تدل طبعًا على بشريته التي احتفظ بها، ليتعرف بها الناس عليه.
18- بل أن سفر الرؤيا ينتهي بعبارة "أمين. تعال أيها الرب يسوع" (رؤ 22: 20). وعبارة "يسوع"، أو "يسوع المسيح" تتكرر كثيرًا جدًا في رسائل بولس الرسول. مما يدل على أن بشريته مازالت مستمرة ولم تفنَ.
19- كذلك بقى له لقب ابن الإنسان الدال على بشريته.
ولو كانت بشريته قد فنيت كما يدعى شهود يهوه، لاختفت -بعد قيامته- أسماؤه وألقابه: إبن الإنسان، ويسوع، والمسيح، ويسوع المسيح.
20- وقد استخدم لقبه (إبن الإنسان) في مجيئه الثاني:
فقيل في (مت 16: 27) "فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته. وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله". وقيل في (مت 24: 27) "هكذا يكون أيضًا في مجيء ابن الإنسان" (مت 24: 27). وورد في (مت 24: 30) "وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وتنوح عليه جميع قبائل الأرض. ويبصرون إبن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير" (مت 24: 30). أنظر أيضًا (مت 24: 37، 39).
فكيف يبصرونه إن كانت بشريته قد انتهت إلى الأبد.
21- هو أيضًا يأتي للدينونة كابن الإنسان كما ورد في (مت 25: 31-46)
22- إننا سنكون معه في الأبدية. فكيف سنراه إن كانت بشريته قد انتهت؟ يقول "حيث أكون أنا، تكونون أنتم أيضًا" (يو 14: 3). ويقول بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جدًا" (فى 1: 23). فكيف سيكون معه بغير بشريته؟ وكيف يراه؟ والإله القدير لا يُرى!!
23- أما عبارة لا يبصره أحد في مجيئه. فهي ضد قول الكتاب "هوذا يأتي مع السحاب. وستنظره كل عين والذين طعنوه. وتنوح عليه جميع قبائل الأرض" (رؤ 1: 7). وكذلك في (مت 24: 30) "ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير".
24- لماذا يتحدى شهود يهوه مشاعر الناس في مناداتهم بأن ربنا يسوع المسيح لن تراه عين بشرية؟!
يَرَون أن المجيء الثاني للمَسيح تمّ سَنة 1914 م، وأنه جَاء بصُورة غير منظورة وتوج سَنة 1918 م
معتقدهم:
يرون أن سنة 1914 هي "نهاية أزمنة الأمم". وأزمنة الأمم -أي حكمها- بدأت منذ حكم نبوخذ نصر (الفرس) سنة 606 ق.م.
ويقولون في كتابهم [الحق يحرركم(1)]:
إن إسرائيل كانت تحكم بثيئوقراطية ملوكية، أي بحكم إلهي ملوكي. وأنه بحكم نبوخذ نصر (من 606 ق.م.) حدث انقلاب لهذه الثيئوقراطية. ولكن في نهاية أزمنة الأمم سنة 1914 يأتي السيد المسيح (نائبًا عن يهوه) ليقيم الحكم الإلهي مرة أخرى، إذ "صارت حكومات الأمم الوثنية الآن وحدها في الميدان
كيف حَسَبوها؟
رجعوا إلى حلم نبوخذنصر الذي فسره له دانيال النبي. وفيه إنه مضت عليه في سبيه أو في عقوبته سبعة أزمنة (دا 4: 16، 23، 25، 32). وبعدها عاد إلى مجده وبهائه.
ومن حيث طول هذه الأزمنة السبعة، رجعوا إلى سفر الرؤيا (رؤ 12: 26، 14) حيث ورد فيه "إن زمانًا وزمانين ونصف زمان" تعادل 1260 يومًا. إذن ضعفها (سبعة أزمنة) تعادل 2520. وبحسبان اليوم بسنة تكون الفترة من السبى إلى المجد تعادل 2520 سنة. وطبقوها على أنفسهم أنهم من بدء سبيهم ببدء أزمنة الأمم سنة 606 ق.م.
2520 سنة من حكم باقي الأمم (الفرس، اليونان، الرومان، العرب) تنتهي سنة 1914 (2520- 606= 1914).
تغطية ِبدعَة ببدعة:
جاء عام 1914، ولم يجئ المسيح! فكيف يخفون خجلهم؟!
ولم تتكون الحكومة الثيئوقراطية ولم تنته أزمنة الأمم.
إنهم يخفون البدعة ببدعة أخرى! وكيف ذلك؟
يقولون إن المسيح قد جاء سنة 1914 ولكن بطريقة غير منظورة!
ويكررون هذا الكلام في الكثير من كتبهم. فماذا يقولون؟
يقولون عن المجيء الثاني للسيد المسيح "إن الأعين البشرية لن تراه في مجيئه الثاني. ولا هو سيأتي في جسد بشرى".
(الحق يحرركم(3))
ويقولون أيضًا "يسوع الآن هو شخص روحي خالد وممجد. فلا عجب إذا كان حضوره لا يُشعر به بالحواس البشرية. ثم أن الغرض الذي يحضر هذه المرة لقضائه، يستدعى وجوده بهيئة غير منظورة".
(كتابهم: هذه هي الحياة الأبدية(4))
يقولون كذلك "يلاحظ رجوع الرب بالبصيرة لا بالباصرة. ويُرمق بعين الذهن لا اللحم". ويستدلون بقوله".. بعد قليل لا يراني العالم أيضًا" (يو 14: 19). ويقولون "كما أنه لن يقدر إنسان على رؤية الآب الذي لم يره إنسان، ولا يقدر أن يراه، كذلك لا يقدر أحد من الناس أن يرى الابن الممجد"
(كتابهم: ليكن الله صادقًا(5)).
ووجه المغالطة في هذا الكلام:
إن السيد المسيح قال "بعد قليل لا يراني العالم" قاصدًا بعد صلبه وقيامته، ولم يقصد عند مجيئه الثاني. بدليل أنه قال بعدها مباشرة لتلاميذه "أما أنتم فترونني" (يو14: 19).
كما أن الإنجيل يقول بعد القيامة (فى ظهور الرب لتلاميذه) "ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب" (يو 20: 20). وقال القديس بطرس الرسول عنه "نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته" (أع 10: 41).
قالوا أيضًا: "والمسيح نفسه أوضح أن رجوعه لن يكون منظورًا قائلًا "بعد قليل لا يراني العالم. وأما أنتم فترونني.." (يو 14: 19)... فالجنس البشرى بصورة عامة لا يراه أيضًا. أما أفراد "القطيع الصغير" فسيرونه لأنه سيأخذهم ليكونوا معه هناك"
(كتابهم: الحق الذي يقود إلى الحياة الأبدية(6)).
(هذه هي الحياة الأبدية ص 230).
والمقصود هنا بالقطيع الصغير شهود يهوه. وحتى هؤلاء سيرونه بعيون أذهانهم، "بمعنى أننا ندرك ونفهم"
ومع ذلك يقول شهود يهوه "وعندما أقيم يسوع من الأموات، لم يسترجع الحياة البشرية التي ضحى بها بموته. ولكنه أقيم شخصًا روحيًا خالدًا ممجدًا".
(كتابهم: ليكن الله صادقًا(8)).
ولا يستطيعون بهذا أن يردوا على ظهوره للتلاميذ بالجسد، وأنهم جسّوه وأكلوا معه. أحيانًا يحاولون أن يغطوا بدعتهم ببدعة أخرى، فيقولون إن المسيح استعار أجسادًا ظهر بها.
وهنا يكون المسيح -بفكرهم- قد خدع التلاميذ جملة، وخدع توما بوجه خاص. وكيف تكون مريم المجدلية ومريم الأخرى قد "أمسكتا بقدميه وسجدتا له" بعد القيامة (مت 28: 9).
لرَد علىَ إدعَاءاتهم
بخصوص مجيء المسيح:
* يقولون إنه سيأتي بطريقة غير منظورة ولا يراه أحد:
وهذا ضد تعليم الكتب حيث يقول "هوذا يأتي على السحاب، وستنظره كل عين، والذين طعنوه، وتنوح عليه جميع قبائل الأرض" (رؤ 1: 7). فكيف ستنظره كل عين، بينما يكون مجيئه غير منظور؟!
* قولون إنه "سيأتي كما ذهب، بلا ضجة ولا صوت بوق، ولا في حفلة ولا مهرجان، بل بهدوء وسكينة مثل اللص".
(ليكن الله صادقًا(9))
وهذا الكلام مخالف لتعليم الكتاب المقدس، إذ يقول "لأن الرب نفسه، بهتاف، بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح سيقومون أولًا" (1تس 4: 16).
وما دامت قيامة الأموات تصحب مجيئه، إذن سيكون هناك صوت وأبواق، إذ قيل "يسمع جميع من في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو 5: 28، 29). وقيل أيضًا "فإنه سيبّوق فيقام الأموات" (1كو 15: 52).
فهل كل قيامة الأموات، ستكون بسكينة وبلا صوت؟!
· وكيف أنه سيأتي بلا مهرجان؟!
أى مهرجان أكثر من أنه سيأتي "فى ربوات قديسيه" (يه 14). وسيأتي في مجده وجميع الملائكة القديسين معه (مت 25: 31) "يأتي في مجد أبيه مع ملائكته.. " (مت 16: 27) "مع جميع قديسيه" (1 تس 3: 13) "مع ملائكة قوته، في لهيب نار" (2 تس 1: 7، 8). كما قيل "ويبصرون إبن الإنسان آتيًا على سحاب السماء، بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت، فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح، من أقصاء السموات إلى أقصائها (مت 24: 30). فهل هذا مجيء غير منظور؟! وهل هو في سكينة وبلا صوت؟! وهل لا يراه أحد؟!
· هذا المجيء الذي تكون معه الدينونة، كيف يكون مخفيًا؟!
حيث "تجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف عن الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه، والجداء عن اليسار. ثم يقول.." (مت 25: 32-46). هل كل هذا سيحدث بمجيء غير منظور لا يراه أحد من الناس؟!
وعن هذه الدينونة قيل في سفر الرؤيا "ثم رأيت عرشًا عظيمًا أبيض، والجالس عليه الذي من وجهه هربت الأرض والسماء.. ورأيت الأموات صغارًا وكبارًا واقفين أمام الله. وانفتحت أسفار، وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة. ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم.." (رؤ 20: 11-13).
هل كل هذا سيحدث في مجيء غير منظور للسيد المسيح الذي سيجازى كل واحد حسب عمله؟ والذي قال عنه الرسول "لأنه لا بد أننا جميعًا نُظهر أمام كرسي المسيح، لينال كل واحد ما كان بالجسد، بحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا" (2كو 5: 10).
وكيف يكون مجيء المسيح غير منظور، بينما يصحبه الاختطاف Rapture؟!
وفى ذلك يقول الرسول عن مجيء الرب".. سوف ينزل من السماء. والأموات في المسيح سيقومون أولًا. ثم نحن الأحياء الباقين، سنخطف جميعًا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1تس 4: 16، 17).
فكيف نكون كل حين مع الرب، ونحن لا نراه؟!
· إن حرمان المؤمنين من رؤية الرب -في عقيدة شهود يهوه- هي كارثة لا يحتملها المؤمنون.
كيف يكون النعيم نعيمًا، مع الحرمان من رؤية الرب؟!
وما معنى قول السيد المسيح".. وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتى وآخذكم إلىّ. حتى حيث أكون أنا، تكونون أنتم أيضًا" (يو 14: 3).
إنها كارثة أخرى تعلنها عقيدة شهود يهوه، مضافة إلى حرمان الغالبية القصوى من المؤمنين، من سكنى السماء. ويكفى أن يعيشوا في فردوس أرضى، "يبنون بيوتًا ويسكنون فيها، ويغرسون كرومًا ويشربون منها".
· إعلان أن مجيء المسيح كان في سنة 1914، هو ضد تعليم السيد المسيح نفسه.
الذى قال لتلاميذه قبل صعوده "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه" (أع1: 7)، وأيضًا قوله إن ذلك اليوم لا يعرفه أحد، ولا ملائكة الله في السماء إلا أبى وحده" (مت 24: 36). فكيف يحدد شهود يهوه وقت مجيء السيد المسيح؟! وكيف يثبتون ما قالوه عن مجيء غير منظور لم يره أحد؟!
· كذلك فإن مجيء المسيح تسبقه علامات لم تحدث حتى الآن:
1- منها مجيء ضد المسيح المقاوم والمرتفع على كل ما يُدعى إلهًا، حتى أنه يجلس في هيكل الله كإله.. ويصنع آيات وعجائب بقوة الشيطان وبكل خديعة الإثم في الهالكين (2تس 2).
هذا الذي يسميه البعض (المسيح الدجال).
2- ولا يأتي المسيح إن لم يأتِ الارتداد أولًا (2تس2: 3)
3- ويسبق مجيء المسيح: مجيء إيليا وأخنوخ، حسبما أنبأ سفر الرؤيا (رؤ 11).
4- ويسبق مجيء المسيح، إيمان اليهود به (رو 11: 25، 26)
5- ويسبق مجيء المسيح الضربات التي وردت في سفر الرؤيا، عند أبواق الملائكة السبعة (رؤ 8، 9) وفك الختم السادس (رؤ 6: 12-17).
6- وأخيرًا قال الرب "وبعد ضيق تلك الأيام، تظلم الشمس، والقمر لا يعطى ضوءه، والنجوم تسقط من السماء، وقوات السموات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض.." (مت 24: 29، 30).
فهل ظهرت كل هذه العلامات قبل سنة 1914؟
يؤمنون بعدة قيامات
معتقدهم:
لا توجد قيامة عامة في اعتقاد شهود يهوه.
بل هم يؤمنون بقيامة سماوية، وقيامة أرضية، وقيامة للأشرار حيث يعطون فرصة للتوبة هي ألف سنة(1).
أ. القيامة السماوية (للقطيع الصغير)
لعلهم أخذوا هذا الاسم من (لو 12: 32).
هى للمختارين، لشهود يهوه، يقوم فيها 144 ألفًا فقط. وقد بدأت سنة 1914 م. واستمرت إلى سنة 1918 م. وينضم إليها بقية شهود يهوه الأحياء حاليًا. وهذا القطيع الصغير ممن يقومون في هذه القيامة سوف يكونون الحكومة السماوية في السماء، ويكونون ملوكًا وكهنة تحت رئاسة يسوع، ويكونون عشراءه(6) وتكون لهم وحدهم الحياة الروحية.
ويقولون إن القيامة تكون في أجساد جديدة (وأيضًا السيد المسيح حسب عقيدتهم قام في جسد جديد. أخذ جسدًا جديدًا ظهر به)!!
ويقولون إنه كما أُعيد المسيح تكوينه في شخص الملاك ميخائيل، كذلك هؤلاء يُعاد تكوينهم!!
ب- القيامة الأرضية (قيامة الخراف الآخر):
ولعلهم أخذوا هذه التسمية من (يو 10: 16)...
وهذه القيامة تمثل السواد الأعظم من الناس. وهؤلاء لا يغيرهم الرب إلى روحيين، ولكن يقومون في أجسام مادية تعيش على الأرض، ويحكمها من السماء المسيح والـ144 ألفًا!!
ومن الذين يقومون هذه القيامة الأرضية إبراهيم وإسحق ويعقوب ورجال الإيمان الذين وردت أسماؤهم في (عب 11). هؤلاء يخرجون ويصيرون رؤساء وحكامًا على الأرض ممثلين شرعيين للمسيح. وبواسطتهم تؤسس حكومة بارة على الأرض(2).
وهم يتزوجونه ويلدون في ظل حكومة الملكوت. ويبنون بيوتًا ويسكنون فيها، ويغرسون كرومًا ويشربون منها.. ويخضعون الأرض.
ومنهم سيكون داود ودانيال والأنبياء، ويوحنا المعمدان(3).
يقولون في شرح نظريتهم هذه:
إن الأرض لم يخلقها الله عبثًا. بل الله يطهرها، ويُعدها للسكنى. ويحقق بها وعده لإبراهيم أنه يسكنها إلى الأبد. وأن هذا هو غرض الله منذ البدء، وسيتحقق...
وسوف لا تكون الأرض بحالتها الحاضرة، ولا بسكانها الحاليين.
وإنما نيران اليوم الأخير التي تأكل الأشرار ستطهر الأرض من كل لوثة الخطية. وتصير أورشليم هي العاصمة، عاصمة الكون.
وأورشليم تكون شوارعها من الذهب، وأبوابها من الأحجار الكريمة، ومساحتها 130665 ميلًا مربعًا (تكون مربعة وكل ضلع 375 ميلًا) وهكذا تكون أعظم من كل العواصم. وتوجد فيها الجداول والأشجار والوهاد وقمم الجبال الجذابة والسهول الهادئة، وشجرة الحياة.
وسيجعل الله هذه الأرض فردوسًا مجيدً. وعما قريب سينهى يهوه كل النظام البشرى الحاقد. وتصبح الأرض فردوسية
المجموعة الثالثة من الذين يقومون.
وهؤلاء ليسوا من شهود يهوه، ولكنهم من الصالحين.
يقومون في القيامة الثانية (في الألف الثاني).
وبهذا -في عقيدتهم- الذين يدخلون السماء هم قلة. وحتى شهود يهوه ليسوا كلهم يدخلون السماء. وحتى داود النبي ويوحنا المعمدان "أعظم من ولدتهم النساء" (مت11: 11) وآباؤنا العظام إبراهيم وإسحق ويعقوب، والأنبياء وأبطال الإيمان في العهد القديم، كل أولئك سوف لا يدخلون السماء، بل يعيشون في فردوس أرضى. ويكون هذا هو غرض الله منذ البدء، الذي حققه.
الرد عليهم:
1- لم يذكر الكتاب هذه القيامات ونوعيتها...
وإنما قال "تأتى ساعة يسمع فيها جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو5: 28، 29)...
2- تعبير "القطيع الصغير" لم يرد فيما يقصده شهود يهوه.
بل قال "لا تخف أيها القطيع الصغير، فإن أباكم قد سُرَ أن يعطيكم الملكوت. بيعوا مالكم وأعطوا صدقة.. طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين.." (لو 12: 33- 40).
ما علاقة هذا الكلام، بما يذكره شهود يهوه عن 144 ألفًا لهم وحدهم سكنى السماء؟!
أما عن (أل 144 ألفًا) الذين ورد ذكرهم في (رؤ 14: 3، 4)، فهو عن "الذين لم يتنجسوا مع النساء لأنهم أطهار"، "وفى أفواههم لم يوجد غش، لأنهم بلا عيب قدام عرش الله". ولم يذكر أنهم من شهود يهوه. كما لم يكن الحديث عن القيامة.
أما عن (الـ144 ألفًا) "المختومين على جباههم". فقط ذكر أنهم من أسباط إسرائيل الاثني عشر، من كل سبط 12 ألف مختوم (رؤ 7: 4-8). فما علاقة كل هؤلاء بشهود يهوه؟! ولعل الأسباط هنا لها معنى رمزي، وكذلك الأعداد والأرقام حسب عادة الكتاب. على أنه ورد بعد ذلك في نفس الإصحاح:
"بعد ذلك نظرت، وإذا جمع كثير لم يستطع أحد أن يعدّه من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة، واقفون أمام العرش وأمام الحمل، متسربلين بثياب بيض وفي أيديهم سعف النخل.. وجميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش.." (رؤ 7: 9- 11).
وطبيعي أن كل هذا العدد الذي لا يُحصى كان في السماء، لأنه أمام عرش الله، حيث وقف أيضًا جميع الملائكة...
إذن اعتقادهم أن 144 ألفًا سيقومون قيامة روحية ويدخلون السماء، وأنهم كلهم من شهود يهوه، أمر لا يتفق مع تعليم الكتاب..
3- ليس من المعقول أن شهود يهوه فقط، هم الذين يدخلون وحدهم إلى السماء بينما يُحرم منها كبار الآباء والأنبياء!!
أليس من الغرور أن يظن أي شخص من شهود يهوه، أنه سيكون في قيامة الأموات أفضل من إبراهيم وإسحق ويعقوب، الذين قال الرب عنهم "أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب.." (مت 22: 32) (خر 3: 6)! وأن شهود يهوه سيسكنون السماء بينما الآباء والأنبياء سيسكنون الأرض. ويتمتعون بما لا يتمتع به داود النبي، ودانيال النبي، ويوحنا المعمدان!!
4- عبارة (الخراف الآخر) التي وردت في (يو 10: 16) لا يمكن أن تنطبق على الآباء والأنبياء، ولا على أبطال الإيمان الذين وردت أسماؤهم في (عب 11).
فإن أولئك قد اختارهم الرب وصاروا خاصته، منذ آلاف السنين قبل شهود يهوه وأمثالهم. فهل شهود يهوه هم القطيع الصغير الذي سيقوم قيامة روحية. والأنبياء العظام هم خراف آخر ليست من تلك الحظيرة!! وسيقومون بأجساد مادية، ولا يدخلون ملكوت السموات. بل يعيشون على الأرض في فردوس أرضى، يبنون بيوتًا ويسكنون فيها...!!
5- الفردوس قال عنه الكتاب إنه السماء الثالثة (2 كو 12: 2- 4).
ولم يقل أن الفردوس على الأرض، وأن الناس يمكن أن يحيوا حياة فردوسية على الأرض. إن التمتع المادي والحسي والأرضي الذي ذكره شهود يهوه عن الحياة بعد الموت لا يتفق مع تعليم الكتاب الذي يقول "ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على بال إنسان، ما أعده الله للذين يحبونه" (1كو 2: 9).
6- لم يقل الكتاب إنه سيكون تناسل بعد القيامة من الموت.
كما يدعى شهود يهوه عن الذين يقومون قيامة أرضية من الخراف الآخر!! بل قال الرب في الرد على الصدوقيين "إنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون، بل يكونون كملائكة الله في السماء" (مت 22: 30)، وهذا عكس ما يقوله شهود يهوه عن الحياة الأسرية بعد القيامة التي سوف يعيشها أصحاب القيامة الأرضية..!
7- وليس حقًا أن الأرض سوف تتطهر بالنار ويسكنها الناس.
لأنها سوف لا تتطهر وتعد للسكنى، بل ستزول...
وهكذا قال الرب "إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس" (مت 5: 18).
وقال القديس بطرس الرسول عن يوم الرب (أي يوم القيامة العامة) "الذي فيه تزول السماوات بضجيج، وتنحل العناصر محترقة، وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها" (2بط 3: 10).
وورد في سفر الرؤيا "رأيت سماء جديدة وأرضًا جديدة. لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا. والبحر لا يوجد فيما بعد" (رؤ 21: 1).
إذن تطهير الأرض بالنار لكي يسكنها الأبرار، أمر مخالف لتعليم الكتاب.
8- أيضًا القول بأن يوم القيامة هو ألف سنة، هو اختراع من شهود يهوه لم يقل به أحد.
فالله -جلّت قدرته- ليس محتاجًا إلى ألف سنة، لكي يقيم البشر أو لكي يدينهم. فكل شيء مستطاع عنده (مر 10: 27). كما أن الكتاب يقول: يسمع جميع الذين في القبور صوته فيقومون (يو 5: 28، 29).
9- وأيضًا لم يقل الكتاب أن الذين فعلوا السيئات يقضون ألف سنة للتوبة!
بل قيل "يقوم الذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو 5: 29). بل يعلمنا الكتاب باستمرار أنه لا توجد توبة بعد الموت. لقد كتب "وُضع للناس أن يموتوا مرة، ثم بعد ذلك الدينونة" (عب 9: 27).
وقد قال أبونا إبراهيم لغنى لعازر "بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت. حتى أن الذين يريدون العبور من ههنا لا يقدرون. ولا الذين من هناك يجتازون إلينا" (لو 16: 26).
وقال السيد المسيح لليهود "تموتون في خطيتكم. وحيث أمضى أنا، لا تقدرون أن تأتوا" (يو 8: 21). إذن التوبة بعد القيامة غير مستطاعة كما أن الذين يريدون أن يتوبوا، لا يحتاجون إلى ألف سنة ليتوبوا.
10- كذلك عدم قيامة البعض نهائيًا، ومنهم آدم، هو فكر خاص من شهود يهوه لا نقبله. فالكتاب علّمنا أن الجميع يقومون.
سواء الذين سيقفون على يمين السيد المسيح، أو الذين سيقفون على يساره (مت 25: 31-33). وقد قال الكتاب "لأنه لا بد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح، لينال كل واحد منا ما كان بالجسد حسب ما صنع، خيرًا كان أم شرًا" (2 كو 5: 10). ولم يستثن أحدًا.
"ومن له أذنان للسمع فليسمع" (مت 13: 43).
شهود يهوه يؤمنون بفناء الأشرار، بفناء الشيطان وجنوده، وفناء آدم وجميع الخطاة
معتقدهم:
هم لا يؤمنون بالعذاب الأبدي (مت 25: 46). ويقولون إن عبارة "بحيرة النار والكبريت" (رؤ 20: 10) إنما تشير إلى الفناء. وكذلك كلمة جهنم (مت 10: 28) إنما تشير أيضًا إلى الفناء.
وهذا ما يكررونه في كتبهم. ونذكر منها كمثال:
ففي كتابهم [ليكن الله صادقًا](1) يقولون:
"هل لآدم حظ بين المفديين؟ ويجيبون على هذا السؤال "كلا، لأنه تعمد الأخطاء، وحكم عليه بالجزاء حكمًا مبرمًا. فمات وصار في حكم الفناء.
وهكذا لن يعود آدم إلى الحياة، ولن ترى عيناه النور، ولن يحصل على حسّ ولا شعور. ومن كان مثله ليس له فدية ولا عوض".
وهذا طبعًا ضد عقيدتنا في خلاص أبينا آدم، كما نقول في قطع صلاة باكر: خلّصت أبانا آدم..
وفى نفس الكتاب [ليكن الله صادقًا](2) يقولون:
وأما مصير الشيطان فهو الفناء التام. وهذا ما أكّده لنا المسيح في آية الحكم التي تلفظ بها على مسمع المنقادين بروح الشيطان والواقعين في شباكه: "اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعّدة لإبليس وملائكته" (مت 25: 41).
وهم يدعون أن النار الأبدية هي الفناء...
يضاف إلى ذلك عقيدتهم في عدم خلود النفس، وأن الإنسان -حينما يموت- يكون كالحيوان يموت نفسًا وجسدًا. فالإنسان في اعتقادهم ليس له خلود، وإنما يُمنح الخلود مكافأة له على طاعته.
ونريد هنا أن نرد عليهم من جهة المنطق، ومن جهة تعليم الكتاب المقدس:
الرد عَليهم:
1- من غير المعقول أن يقيم الله الناس الأشرار من الموت، لكي يعيدهم مرة أخرى إلى موت أبدى إلى الفناء.
ومعروف أن قيامة أجساد الموتى ليست بالعملية الهينة، بل هي معجزة جبارة: أن يجمع الله الذين غرقوا في البحار، والذين حُرقوا بالنار، والذين امتصتهم الأرض، والذين أكلتهم الوحوش، والذين تحولوا إلى تراب.. كل أولئك يقيمهم الله، وبعد ذلك يدفعهم إلى الفناء!! هل هذا معقول؟! ما الحكمة إذن من قيامتهم؟!
أما إن كان الأشرار لا يقومون، فهذا ضد تعليم الكتاب.
إذ يقول "فإنه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو5: 28، 29). إذن سيقوم الكل: الصالحون والأشرار.
إثبات آخر ورد في (مت 25: 31-46) عن الدينونة العامة في مجيء السيد المسيح، إذ "يجتمع أمامه جميع الشعوب. فيميز بعضهم عن بعض، كما يميز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن يساره". ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا إلىّ يا مباركي أبى رثوا الملك المعدّ لكم منذ تأسيس العالم.. " ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار: اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدّة لإبليس وملائكته.. "فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى، والأبرار إلى حياة أبدية".
إذن هناك قيامة للكل، ثم دينونة ومحاكمة، بعدها عذاب للأشرار، ونعيم للأبرار. فما الحكمة في أن يُقام الأشرار، لكي يتلقوا حكمًا بالفناء؟!
أما أن يقاموا لكي يأخذوا جزاءهم عقوبة على خطاياهم، فهذا هو المنطق السليم.
2- النقطة الثانية هي أن الرب في القيامة سيجازى كل واحد حسب أعماله. وهذا ضد الحكم بالفناء الذي يتساوى فيه الجميع.
· يقول الكتاب "لأنه لا بد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح، لينال كل واحد منا ما كان بالجسد، بحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا" (2كو 5: 10).
· ونفس الوضع ما ورد في (مت 16: 27): "فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته. وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله".
· ويقول الرب في سفر الرؤيا "ها أنا آتى سريعًا وأجرتي معي، لأجازى كل واحد كما يكون عمله" (رؤ 22: 12).
· ومن جهة مجازاة الأشرار: تختلف أعمالهم في نوعيتها، وفي درجة بشاعتها، وفي طول أو قصر مدتها. فكيف يتساوى الكل في عقوبة واحدة هي الفناء على اختلاف درجة خطاياهم؟!
كيف يتساوى الطماع والشتّام والسكير، مع قاتل النفس، مع السفاح الذي قتل كثيرين، مع إبليس وضد المسيح والوحش والنبي الكذاب...؟! كلهم في عقوبة واحدة هي الفناء، لا يشعرون فيها بأي ألم؟! وهل في هذا عدل إلهي؟!
3- لقد علّمنا السيد المسيح أن هناك تفاوتًا في العقوبات فليست متساوية:
فيقول في توبيخ المدن التي صُنعت فيها أكثر قواته ولم تتب: ويل لك يا كورزين. ويل لك يا بيت صيدا. لأنه لو صُنعت في صور وصيدا القوات المصنوعة فيكما، لتابتا قديمًا في المسوح والرماد. ولكن أقول لكم إن صور وصيدا تكون لهما حالة أكثر احتمالًا يوم الدين مما لكما" (مت 11: 20-22).
وعبارة "حالة أكثر احتمالًا تعنى تفاوتًا في العقوبة. وهذا ضد القول بالفناء وهو عقوبة واحدة للكل. كما أن عبارة أكثر احتمالًا تدل على عذاب متفاوت.
ولقد كرر الرب نفس العبارة في حديثه عن ويل كفر ناحوم بقوله: أقول لكم إن أرض سادوم تكون لها حالة أكثر احتمالًا يوم الدين مما لك" (مت 11: 24).
إذن هناك حالة يمكن أن تُحتمل، أكثر من حالة أخرى يصعب احتمالها. وهذا ضد عقوبة الفناء التي هي واحدة للكل، ولا يوجد فيها احتمال أقل من احتمال آخر
4- هنا ونقول عن الشيطان: كيف تكون عقوبته كعقوبة أي خاطئ عادى؟!
الشيطان الذي أغوى العالم كله، ودفع العالم إلى الوثنية وإلى الفساد، والذي يساعد على الارتداد العام بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم في الهالكين، يزوّد بها "المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلهًا" حتى يوقع الناس في الارتداد (2تس 3-10) هذا الشيطان أتكون عقوبته -حسب تعليم شهود يهوه- هي الفناء، يتساوى فيه مع أي خاطئ، ولا يحس في فنائه أي ألم أو عذاب!!
حقًا، ابهتي أيتها السماوات من هذا، واقشعري وتحيري جدًا يقول الرب" (أر 2: 12)، أخرى. الشيطان الذي قاوم ملكوت الله بكل عنف، ولا يزال يقاومه. والذي عندما يُحلّ من سجنه "يخرج ليضل الأمم" (رؤ 20: 8). الشيطان هذا ستكون عقوبته مثل سارق أو زان، ويفنى بدون عقوبة، أو عقوبته أن يفنى!!
إذن أين قول الكتاب "وإبليس الذي كان يضلّهم، طّرح في بحيرة النار والكبريت، حيث الوحش والنبي الكذاب. وسيعذبون نهارًا وليلًا إلى أبد الآبدين" (رؤ 20: 10).
وواضح أن العذاب عكس الفناء. لأن الذي يفنى، لا يحس في فنائه بأي عذاب. لأنه لا حسّ ولا شعور في الفناء.
وعبارة "سيعذبون نهارًا وليلًا". "تعنى استمرارية العذاب. أما في الفناء، فلا يحس من يفنى بنهار يمر عليه أو ليل، في عذاب.
5- وقد تكررت عبارة (عذاب) في مواضع كثيرة من الكتاب كعقوبة للأشرار.
· كما ورد في (مت 5: 46): "فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى، والأبرار إلى حياة أبدية". وكما قيل عن كل من يسجد للوحش وصورته إنه "يعذّب بنار وكبريت أمام الملائكة والقديسين وأمام الحمل. ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين. ولا تكون راحة نهارًا وليلًا" (رؤ 14: 10، 11)
وعبارة "لا تكون راحة" لا تتفق مع الفناء.
فهل الذي فنى، وانعدم وجوده تمامًا، يحس بعدم راحة.
· كذلك قيلت عبارة أخرى مشابهة في عقوبة الأشرار: "ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب، تذخر لنفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازى كل واحد حسب أعماله.. شدة وضيق على كل نفس يفعل الشر.." (رو 2: 5-9).
وعبارة "شدة وضيق على كل نفس" لا تتفق مع الفناء.
ففي الفناء لا يشعر أحد بشدة ولا ضيق. لقد انتهى وجوده وشعوره.
6- قيل أيضًا في مجيء الرب للدينونة "يرسل ابن الإنسان ملائكته، فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت 13: 41، 42)
فالبكاء وصرير الأسنان لا يتفقان مع الفناء. فالذي يفنى لا يبكى، ولا يصرّ بأسنانه ندمًا أو رعبًا. إنه قد انعدم وجوده.
· كذلك قيل في قصة غنى لعازر إنه "رفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب.. ونادى وقال: يا أبى إبراهيم، ارحمني. وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبّرد لساني، لأني مُعذب في هذا اللهيب" (لو 16: 23، 24).
فهل الذي فنى، يحتاج إلى قطرة ماء يبرد بها لسانه وهو معذب؟!
مما أوردناه من آيات الكتاب المقدس، تتضح أمور تتعارض مع الفناء.
العذاب، وعدم الراحة نهارًا وليلًا، والشدة والضيق على كل نفس، والبكاء وصرير الأسنان، وحالة أكثر احتمالًا من حالة أخرى.. والنار الأبدية.. فهل يحدث هذا كله لمن فنى وانتهى وجوده؟! كلام غير منطقي بلا شك.
أما قول شهود يهوه بأن بحيرة النار والكبريت إنما تشير إلى الفناء، وكذلك كلمة جهنم، فهو رأى شخصي ضد أقوال وتعليم الكتاب.
7- عقوبة الفناء هذه تؤدى إلى الاستهتار.
فمادامت لا توجد عقوبة عذاب للأشرار، وما دام الذي يفنى لا يحسّ ألمًا ولا تعبًا، إذن يجرى الناس وراء التمتع بشهواتهم. كما كان الأبيقوريون يقولون "لنأكل ونشرب، لأننا غدًا نموت" (1كو 15: 32).
8- ولا ننسى أن الفناء مبدأ إلحادي.
نادى به الملحدون الذين لا يؤمنون بخلود النفس ولا بالحياة الأخرى.
وكذلك لا يؤمن شهود يهوه بخلود النفس، على الرغم من إيمانهم بالله. غير أنهم يرون أن الخلود هي منحة تعطى للصالحين. وبالتالي فالأشرار لا خلود لهم.
9- وفكرة الفناء أيضًا تشجع المنتحرين.
فإننا نمنعهم من الانتحار، على أساس أن الانتحار هو جريمة قتل للنفس يحاسبون عليها بعد الموت. وأنهم بانتحارهم لا يتخلصون من العذاب الذي يشعرون به في الدنيا، إذ ينتظرهم عذاب أشد بعد الموت، في الأبدية. فإن كانت العقوبة هي الفناء، فإنهم سيقنعون أنفسهم بأنهم بالانتحار يستريحون من التعب في الدنيا والآخرة!!
الجزء الرابع والاخير