شهود يهوه وهرطقاتهم - الجزء الثاني
يقولون إن السيد المسيح إله قدير، وخَالق للكل وفي نفس الوقت إنه مخلوق وليست له نفس خَالدَة
معتقدهم:
يقول شهود يهوه عن السيد المسيح، إنه إله قدير. ولعل هذه الصفة قد أخذوها من سفر إشعياء النبي، حيث يقول "لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابنًا. وتكون الرئاسة على كتفه. ويُدعى اسمه عجيبًا مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًا، رئيس السلام" (أش 9: 6).
ولكنهم في نفس الوقت، يقولون إنه مخلوق، وأنه أول خلق الله، وبكر مخلوقاته السمائية، وأنه خُلق بواسطة يهوه وحده، بدون مساعدة من أحد لذلك دُعي "ابن الله الوحيد".
ويقولون إنه اللوغوس، وكان ذا قدرة كبيرة.
ولكن كيف يكون إلهًا ومخلوقًا في نفس الوقت، وبدون نفس خالدة؟! يبدو من هذا إنهم لم يفهموا معنى كلمة (إله)، ويرون أن معناها: مجرد سيد أو متسلط.
ويشبهون ذلك بما قاله الرب لموسى "جعلتك إلهًا لفرعون" (خر 7: 1) وقوله له عن هرون أخيه "هو يكلم الشعب عنك. وهو يكون لك فمًا، وأنت تكون له إلهًا" (خر 4: 16).
كما يذكرون أيضًا قول الكتاب عن الشيطان "إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين" (2كو 4: 4). كما يستشهدون بقول الرب في المزمور "أنا قلت إنكم آلهة وبنى العلى تدعون.. " (مز 82: 6).
وعلينا أن نناقش معهم لاهوت المسيح، ومفهوم تلك الآيات.
· يقولون عن السيد المسيح في كتابهم [ليكن الله صادقًا]
"لقبه الوحي في (يوحنا 1: 1-3) بكلمة الله أي كليم الله، يتكلم عن لسان الله وبأمر منه" "واللفظ اليونانى المترجم (كلمة) هو لوغوس" "ثم أن من كان قديرًا مثل لوغوس وشاغلًا اسمي مناصب السماء بعد الله، لأنه بكر كل خليقة في السماء، ألا يستحق أن يدعى إلهًا. مع العلم أن كلمة إله تعنى سيدًا متسلطًا وقديرًا". "ولكنه لم يكن الإله الكلى القدرة بل إلهًا قديرًا".
لذلك يترجمون الآية الأولى من إنجيل يوحنا هكذا "في بدء (وليس في البدء) كان الكلمة، وإلهًا كان الكلمة" (يو 1: 1).
ويقولون إن "يهوه أوجد لوغوس في مطلع الخلق، قبل لوسيفر (أي الشيطان) بزمن طويل. ولوسيفر لقبه الوحي بإله هذا الدهر" (2 كو 4: 4).
ويقولون أيضًا عن المسيح في نفس كتاب ليكن الله صادقًا ص 42 دُعي بابن الله الوحيد لأنه لم يشترك أحد مع الله في خلقه ابنه. كان بكر جميع مخلوقات الله السمائية، لأنه أول من ظهر بقوة الخالق في السماء. وبعدما خلقه الله جاعلًا إياه بِكره، استخدمه في خلق سائر المبروءات (أي المخلوقات).
· وفي كتابهم [قيثارة الله](2) يقولون:
"الكلمة (لوغوس) ذو قدرة. دُعي إلهًا، لأنه كان ذا قدرة".
· ويقولون في كتابهم [الحق يحرركم](3):
"لهذا يجعل الخالق بدء خليقته يتكلم باسم الحكمة الرمزي الموحى به، ويقول: يهوه قناني (في الهامش يهوه صنعني) أول طريقه. من قبل أعماله منذ القدم. من الأزل مُسحت. من البدء من قبل أن كانت الأرض.." (أم 8: 22، 23).
"فالآن بدأ يهوه الله وشرع في قصد الخلق اللامتناهي(4) وبجانبه مهندس مُنعم عليه بالحكمة، وقد نال الحياة من الله، الأمر الذي جعله إبن الله. فهو في توليده هذا الابن أو إبرازه للحياة، كان المنتج أو الخالق الوحيد بدون مساعدة. ولذلك كانت خليقته الحية الأولى "ابن الله الوحيد".
"وهو كان روحًا نظير يهوه أبيه، قادرًا أن يراه ويكون معه. ولكونه روحًا وعلى مثال الله فهذا الابن الوحيد كان صورة الله".
ويقولون في نفس كتابهم [الحق يحرركم](5).
"إن استخدام الله لابنه في خلق كل الأشياء بعده، مذكور أيضًا في (أفسس 3: 9) وفي (كولوسي 1: 15-17).
ويقولون(6): "إن الابن تحت إرشاد أبيه، برهن على نفسه أنه مهندس حيث أبدع خلائق روحية أخرى، أعطى لها مراتب وقوى وسلطات، وهى الكروبيم والسرافيم والملائكة".
وفى (ص 50) يقولون إنه "المهندس عند الله في خلقها".
الرد علىَ بِدَعهم:
1- معنى كلمة (إلَه)
هناك فرق كبير بين كلمة (إله) بمعنى سيد، وكلمة (إله) بمعنى كل الصفات اللاهوتية الخاصة بالله وحده.
فمن الصفات التي يختص بها الله وحده دون سائر الكائنات: أنه خالق، وموجود في كل مكان، وأزلي، وأنه فاحص القلوب والكلى يعرف ما في داخل القلب والفكر، وأنه قدوس. فهل هذه الصفات كانت في السيد المسيح، دون سائر الذين دعاهم الوحي بصفة إله [بمعنى سيد أو ما شابه ذلك]؟
وهل هذه الصفات الذاتية موجودة في المسيح بالمعنى اللاهوتي؟
أ- دُعي موسى إلهًا لفرعون (خر 7: 1) وإلهًا لهرون (خر4: 17).
فهل يعنى هذا أن موسى كان خالقًا لفرعون أو خالقًا لهرون؟! حاشا. بل كانت لموسى سيادة على فرعون في كل الضربات التي كان يصرخ منها فرعون، ويرجو موسى رفعها عنه. وكان موسى إلهًا لهرون، ليس كخالق لهرون، وإنما كشخص يوحى إليه بما يقول، فينطق هرون به. دُعي موسى إلهًا. ولكن لم يكن ذلك يعنى أنه موجود في كل مكان، أو أنه أزلي، أو فاحص للقلوب وقارئ للأفكار.
ب- ودُعي الشيطان إلهًا لهذا الدهر (2كو 4: 4).
ولم يكن هذا يعنى أنه خلق هذا الدهر!! أو أنه أزلي لا بداية له! أو أنه قدوس، أو موجود في كل مكان. بل كلمة إله بالنسبة إليه كانت تعنى أنه سيد ومتسلط في غوايته للبشر. وهكذا قيل بعدها "قد أعمى أذهان غير المؤمنين" (2كو 4:4).
ج- كذلك الذين كتب عنهم في المزمور"ألم أقل أنكم آلهة، وبنو العلى تدعون" (مز 82: 6).
أولئك كُتب عنهم بعدها مباشرة "ولكنكم مثل البشر تموتون، وكأحد الرؤساء تسقطون" (مز 82: 7). وطبيعي أن الذين يموتون ويسقطون، ليسوا هم آلهة بالحقيقة.
د- كذلك كلمة آلهة التي أطلقت على آلهة الوثنيين.
حسب عقيدة أولئك الوثنيين فيها.. كما قيل "عشتورث آلهة الصيدونيين، وملكوم رجس العمونيين" (1مل 11: 5). وقيل "إن مدينة الأفسسيين متعبدة لأرطاميس الإلهة العظيمة" (أع 19: 35). كل هذا وأمثاله يشرحه قول الوحي في المزمور "إن كل آلهة الأمم شياطين (أو أصنامًا)" (مز 96: 5).
· أما السيد المسيح فقد وصفه الكتاب بأنه إله، بكل المعنى الكامل للألوهية.
فكان خالقًا، وقدوسًا، وموجودًا في كل مكان، وفاحصًا للقلوب وقارئًا للأفكار.. وهو الأول والآخر، كما سنرى.
1- المسيح هو الخالق. وشهود يهوه يعترفون بهذا:
ليس فقط قبل تجسده، إذ خلق كل الأشياء، ويستشهد شهود يهوه بما ورد في (أفسس 3: 9) وفي (كولوسي 1: 15-17).. إنما أيضًا في فترة تجسده على الأرض قام بعمليات خلق كثيرة.
· ففي معجزة الخمس خبزات والسمكتين، خلق ما أشبع به خمسة آلاف رجل غير النساء والأطفال، وفضل عنهم اثنتا عشرة قفة مملوءة. وهذه المعجزة قد وردت في كل الأناجيل الأربعة. أنظر على الأقل (لو9: 10-17).
· وفي معجزة تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل، خلق مادة جديدة، بمجرد مشيئته (يو 2: 7-9)
· وفي معجزة منح البصر للمولود أعمى "طلى بالطين عيني الأعمى، وقال اذهب اغتسل في بركة سلوام.." (يو9: 6، 7). وهكذا خلق له عينين، وصار الأعمى بصيرًا.. وليس أحد من الذين وصفوا بكلمة إله، كان خالقًا. يسوع المسيح وحده كان الخالق. ودلَ بذلك على ألوهيته. ومنذ البدء.
· "كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1: 3).
أي بدونه لم تكن هناك خليقة، لا في السماء ولا على الأرض. وهنا نسأل "كيف يكون المسيح خالقًا، بينما الخلق من صفات الله وحده؟ والكتاب يقول "في البدء خلق الله السموات والأرض" (تك 1: 1). ويقف أمامنا هذا السؤال الخطير:
2- مَنْ هو الخَالق؟
هل هو الله (يهوه) (الآب)، أم المسيح؟
"هكذا يقول الله الرب خالق السموات وناشرها، باسط الأرض" (أش 42: 5) "أنا الرب صانع كل هذه، ناشر السموات وحدي، باسط الأرض. من معي؟" (أش 44: 24) "أنا الرب صانع كل هذه" (أش 45: 7) "لأنه هكذا قال الرب خالق السموات. هو الله مصور الأرض وصانعها" (أش 45: 18)
أم هو المسيح الذي قيل عنه "فإنه فيه خُلق الكل: ما في السموات وما على الأرض. ما يُرى وما لا يُرى. سواء كان عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خُلق. الذي هو قبل كل شيء، وفيه يقوم الكل" (كولوسي 1: 16، 17) "كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو1: 3).
أم الحل هو قول المسيح "أنا والآب واحد" (يو 10: 30)؟
يقول شهود يهوه إن الله "استخدم ابنه الكلمة في خلق كل الأشياء" وأنه "المهندس عند الله في خلقها" [كتاب الحق يحرركم](7). وهذا في الواقع أمر عجيب: هل احتاج الله إلى كائن آخر يساعده في الخلق؟
وهنا نبحث لقب المسيح (اللوغوس) الذي ترجم بعبارة (الكلمة) [يو1: 1]، لقد أخطأ شهود يهوه في فهم معنى كلمة (لوغوس) اليونانية التي تترجم بمعنى كلمة أو عقل أو نطق.. أنظر: Young: The Analetical Concordance of The Bible.
إنها مشتقة من الفعلّ λεγω اليوناني بمعنى ينطق. ومنها كلمة Logic بمعنى المنطق أي النطق العاقل، أو العقل المنطوق به.
ومن هنا كان المسيح اللوغوس هو عقل الله الناطق، أو نطق الله العاقل. وسماه الكتاب أيضاَ "الحكمة" (أم 8: 12).
ويقول القديس بولس الرسول عن المسيح إنه "قوة الله وحكمة الله" (1كو1: 24). وهنا تفهم الآيات الخاصة بالله والخلق:
الله هو الخالق. وخلق الكل بنطقه، بعقله، بحكمته.
وبهذا المفهوم نفهم معنى عبارة:
3- خلق به كل شيء
ويظهر هذا المعنى، كما في الآيات الآتية:
(أف 3: 9)".. الله خلق الجميع بيسوع المسيح".
(كو 1: 16)".. الكل به وله قد خُلق".
(عب 1: 2) "في ابنه الذي جعله وارثًا كل شيء. الذي به أيضًا صنع العالمين".
(يو 1: 3) "كل شيء به كان..".
الذي خلق به كل شيء، أي خلق كل شيء بعقله الناطق، بنطقه العاقل، ليس بكائن آخر.
فالله لا يحتاج إلى كائن آخر، (أو إلى مهندس!) يساعده في الخلق!! يكفى أن يقول "ليكن نور"، فيكون النور (تك 1: 3).
الناس يعبدون من خلقهم. فإن كان "ابن الله الوحيد"، كلمة الله عقل الله، حكمة الله، هو الذي خلقهم، فمن حقهم أن يعبدوه. وهو ليس كائنًا منفصلًا عن الله. بل كما قال "أنا والآب واحد" (يو 10: 30).
أنسأل إذن: من هو الخالق: الآب أم الابن؟
نقول الآب خلق كل شيء بالابن، أي بعقله الناطق.
مثلما نقول: "أنا حللت هذه المشكلة بعقلي". فهل أنت الذي حلها أم عقلك. أنت الذي حللت المشكلة، وعقلك هو الذي حلّها. وأنت وعقلك كيان واحد.
· وهنا نتعرض إلى مشكلة بالنسبة إلى شهود يهوه وهى:
هل هناك إلهان، وخالقان؟! أم...
4- هل يؤمنون بتعدد الآلهة؟!
فيهوه إله، والمسيح إله آخر غير يهوه!! كما يقولون.
بينما الكتاب مملوء بالأدلة على الإيمان بإله واحد:
وبالأكثر سفر إشعياء الذي اتخذوا منه اسمهم:
(أش 43: 10) "أنتم شهودي يقول الرب (يهوه).."
"قبلي لم يصور إله، وبعدى لا يكون"
(أش 43: 11) "أنا أنا الرب، وليس غيري مخلص".
(أش 44: 6) "أنا الأول وأنا الآخر، وليس إله غيري"
(أش 45: 5) "أنا الرب وليس آخر، ولا إله سواي".
(أش 46: 21، 22) "أليس أنا الرب، ولا إله غيري.. ليس سواي.. لأني أنا الله وليس آخر".
(خر 20: 3)".. لا تكن لك آلهة أخرى أمامي".
(يع 2: 19) "أنت تؤمن أن الله واحد، حسنًا تفعل..".
فإن قيل إن المسيح إله بمعنى سيد، وإنه مخلوق نقول:
5- هل السَيد (المخلوق) مَوجود في كل مكان؟
الله هو الوحيد الموجود في كل مكان، يقول له المرتل "أين أذهب من روحك؟ ومن وجهك أين أهرب؟ إن صعدت إلى السماء فأنت هناك، وإن فرشت في الهاوية فها أنت" (مز139: 7، 8). "السماء هي كرسيه، والأرض موضع قدميه" (مت 5: 34، 35) السموات وسماء السموات لا تسعه (1مل 8: 27) لأنه غير محدود.
والسيد المسيح موجود في كل مكان. كما قال حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم" 0(مت 18: 20). وأيضًا هو موجود في السماء، إذ صعد إلى السماء كما رآه الرسل (أع 1: 9). وهو موجود عن يمين الآب كما رآه إسطفانوس (أع 7: 56). وهو موجود في الفردوس كما قال للص (لو 23: 43) وهو موجود في قلب كل مؤمن كما قال القديس بولس "أحيا، لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ (غل2: 20). وهو يقرع على أبواب الكل ليفتحوا له (رؤ 3: 20).
وفى تجسده على الأرض قال لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو3: 13) أي أنه في السماء، بينما يكلم نيقوديموس على الأرض.
إذن ليس هو مجرد سيد. كذلك من لاهوته أنه:
6- يعرف ما في القلوب والأفكار
يقول المزمور "فإن فاحص القلوب والكلى هو الله البار" (مز 7: 9) ويقول أيضًا "لأنه يعرف خفيات القلوب" (مز 44: 21)
والسيد المسيح يقول "إني أنا هو فاحص الكلى والقلوب" (رؤ 2: 23). وقد عرف أفكار الكتبة في معجزة شفاء المفلوج (مر 2: 6). وعرف أفكار الفريسيين (مت 12: 24) (لو 6: 8). وعرف أفكار التلاميذ في أكثر من مناسبة (لو 9: 47). وعرف شك توما (يو 20: 27).
كيف يكون المسيح مخلوقًا وهوَ الأول والآخر؟! | هَل صَار المسيح ِابنًا لله في المعمودية؟
تكلمنا في المقال السابق عن 6 نقاط حول لاهوت المسيح في مناقشتنا مع شهود يهود ونتابع في هذا المقال حديثنا في نفس الموضوع:
7- الأول والآخر. الألف والياء
لا يستطيع مخلوق أن يقول هو الأول، لأنه لا بد قد سبقه من خلقه.
فالخالق وحده هو الأول، وبعد ذلك المخلوقات حسب ترتيب وجودها.
لذلك يقول الله أكثر من مرة إنه الأول.
· حتى في نفس الإصحاح الذي أخذ منه شهود يهوه اسمهم (أش 43: 10، 12) يقول الرب الإله "قبلي لم يصور إله، وبعدى لا يكون. أنا أنا الرب، وليس غيري مخلص" (أش43: 10، 11). وعبارة "قبلي لم يصور إله" معناها أنه الأول. وعبارة "وبعدى لا يكون" معناها أنه الآخر في الألوهية. وعبارة "أنا أنا الرب وليس غيري" معناها أنه الإله الوحيد. فكيف إذن يُدعى غيره إلهًا بمعنى الألوهية؟!
· وأيضًا يقول الرب في صراحة كاملة "أنا الأول والآخر، ولا إله غيري" (أش 44: 6).
· ويقول في (أش 48: 12) "أنا هو. أنا الأول، وأنا الآخر. ويدي أسست الأرض ويميني نشرت السموات..". فهو الأول والآخر، وهو الخالق وحده، لم يكن محتاجًا إلى من يستخدمه في الخلق (كما يدعى شهود يهوه)! بل إنه يقول "يدي أسست الأرض، ويميني نشرت السموات".
· وبينما يقول الله (يهوه) أنا الأول والآخر، يقول السيد المسيح أنا الأول والآخر. فكيف نوفق إذن بين القولين؟
· منذ كنت أناقش شهود يهوه في سنتيّ 1953، 1954 (قبل رهبنتي)، واجهتهم بما ورد في الإصحاح الأول من سفر الرؤيا "هوذا يأتي على السحاب، وستنظره كل عين والذين طعنوه، وينوح عليه جميع قبائل الأرض، نعم آمين. أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية، يقول الرب الكائن والذي كان، والذي يأتي القادر على كل شيء" (رؤ 1: 7، 8).
فقالوا إن الآية الأولى عن المسيح، والثانية عن يهوه. مع أن الثانية أيضًا عن المسيح، لأنه هو الذي سيأتي في مجيئه الثاني (مت 16: 27) (مت 25: 31).
· واختصارًا للمناقشة، قلت لهم: نؤجل الكلام عن هذه الآية، ونتابع ما كتب في سفر الرؤيا. يقول القديس يوحنا الرائي "كنت في الروح في يوم الرب. وسمعت ورائي صوتًا عظيمًا كصوت بوق قائلًا: أنا هو الألف والياء، الأول والآخر. والذي تراه أكتب في كتاب.. "فالتفت لأنظر الصوت الذي تكلم معي. ولما التفت، رأيت سبع منائر من ذهب، وفي وسط السبع منائر شبه ابن إنسان متسربلًا بثوب إلى الرجلين.. ووجهه كالشمس وهى تضئ في قوتها" (رؤ 1: 10-16) وواضح أنه المسيح، من عبارة "شبه ابن إنسان" وعبارة "متسربلًا بثوب إلى الرجلين". والكتاب يقول إن الله (يهوه) لم يره أحد قط (يو 1: 18)
إذن المسيح هنا يقول: "أنا هو الألف والياء، الأول والآخر".
· وبمتابعة نفس الرؤيا يقول القديس يوحنا الرائي "فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت. فوضع يده اليمنى علىّ قائلًا لي: لا تخف أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتاَ. وها أنا حيّ إلى أبد الآبدين آمين.." (رؤ 1: 17، 18).
· وواضح أن السيد المسيح هو الذي يتكلم، وهو الذي وضع يده اليمنى على القديس يوحنا وكلّمه. لأن (يهوه) لا يمكن أن يقول عن نفسه إنه حيّ وكان ميتًا!!
· ثبت إذن أن السيد المسيح قال عن نفسه عدة مرات إنه الأول والآخر. وأنه الألف والياء. كل هذا في الإصحاح الأول من سفر الرؤيا.
· كذلك في الإصحاح الأخير من هذا السفر يقول "ها أنا آتى سريعًا، وأجرتي معي، لأجازى كل واحد كما يكون عمله. أنا الألف والياء، البداية والنهاية، الأول والآخر.. أنا يسوع أرسلت ملاكي لأشهد لكم بهذه الأمور عن الكنائس. أنا أصل وذرية داود، كوكب الصبح المنير" (رؤ 22: 12-16).
طبعًا هو ذرية داود حسب التجسد. أما كونه أصل داود، فعن وجوده قبل التجسد. أو عن كونه الخالق، فهو الأصل الذي أنشأ داود...
· بعد كل ما أوردناه من آيات.. نضع السؤال أمام شهود يهوه:
· من هو الأول والآخر: يهوه أم المسيح؟
وكل منهما يكرر عبارة "أنا الأول والآخر"
لا يوجد حلّ إلا قول السيد المسيح "أنا والآب واحد" (يو10: 30).
كنت قد كتبت مقالًا بهذا المعنى في مجلة مدارس الأحد في يولية 1953. فحاول شهود يهوه أن يجدوا مخرجًا من هذا المأزق. فكتبوا في مجلتهم (برج المراقبة) في نوفمبر 1953 بأن ما ورد عن المسيح من حيث هو الأول والآخر، إنما قيل فقط من جهة أمور محدودة، تختص بموت المسيح وقيامته!!
والواقع أن هذا التعليل لا يمكن أن ينطبق على قوله: أنا هو الأول والآخر. فمن جهة الموت، ليس هو أول من مات ولا آخر من مات. ومن جهة القيامة فإنه وإن كان "باكورة الراقدين" بمعنى أنه أول من قام بجسد ممجد، قيامة لا موت بعدها، فإن الكتاب يقول إن الكل سيقومون، وأنه "سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (فى 3: 21). كما يقول "المسيح باكورة، ثم الذين للمسيح في مجيئه" (1كو 15: 23).
فإن كان المسيح هو الأول في القيامة الممجدة، فليس هو الآخر.
إذن ليس هو الأول والآخر في القيامة.
كون إن السيد المسيح هو الأول، يعنى أنه ليس مخلوقًا، لأنه لا يوجد من هو قبله ليخلفه.
[يعد هذا الجزء الخاص برد شهود يهوه في مجلة برج المراقبة وتعليقي عليه]
ننتقل إلى نقطة أخرى تخص اعتقادهم في المسيح وهى:
8- هل صَار المسيح ابنًا للَه في المعمودية؟
يعتقدون أنه لما كان في السماء، كان ابن الله الوحيد. ولكنه لما تجسد، صار إنسانًا فقط شبه آدم تمامًا الذي حُكم عليه بالموت. ذلك لكي يستطيع أن يفدى آدم.
· ويقولون في كتابهم (ليكن الله صادقًا](1):
"إنه في المعمودية أعلن يسوع عن خضوعه الكامل ليهوه. وهناك اعترف يهوه بأن يسوع ابنه الحبيب. فدلّ هذا على بدء ولادة يسوع ثانيةً، وصيرورته ابنًا روحيًا لله كما كان قبل نزوله من السماء... إن الله ولده في الأردن إلى المستوى الأعلى، وحسبه ابنًا روحيًا له.
· وفي كتابهم [الغنى](2) "أنه صار ابن الله في المعمودية"
ويفهم من كل هذا أن المسيح صار ابنًا لله مرتين:
في السماء قبل تجسده كان ابن الله الوحيد. ثم فقد هذه البنوة لما تجسد وصار مثل آدم تمامًا. ثم أعيدت له البنوة في المعمودية.
الرد:
· السيد المسيح لم يصر ابنًا لله في المعمودية. وإنما المعمودية كانت إحدى المناسبات التي أعلن فيها الله أن يسوع المسيح هو ابنه. ومناسبة أخرى هي التجلي حينما قال عنه "هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا" (مر 9: 7). وهو ابنه منذ الأزل كما قيل له في المزمور "أنت أبنى، وأنا اليوم ولدتك" (مز 2: 7). وشهد بهذا القديس بولس الرسول في (عب 1: 5).
· على أنه في تجسده، وقبل المعمودية بأكثر من ثلاثين سنة، شهد له بهذه البنوة في البشارة لمريم: "ها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيمًا وابن العلى يدعى..." (لو 1: 31). وأيضًا "القدوس المولود منك يُدعى إبن الله" (لو 1: 35).
· وفي أثناء الحمل، لما زارت مريم أليصابات، قالت لها أليصابات "من أين لي هذا أن تأتى أم ربى إلىً" (لو 1: 43).
· وفي الرحلة إلى أورشليم، قال السيد المسيح (وكان عمره 12 سنة) للقديسة مريم والقديس يوسف النجار "لماذا كنتما تطلبانني. ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبى" (لو 2: 49). أي أنه اعترف ببنوته لله، قبل أن يعلنها الآب أثناء المعمودية بـ18 سنة.
· ما معنى أن المسيح كان ابن الله الوحيد وهو في السماء قبل التجسد. ثم يفقد هذه البنوة لما تجسد. ويحتاج أن توهب له في المعمودية؟! هل البنوة مجرد لقب؟! أو هي مسألة فخرية تشريفية تُمنح له، وتُسحب منه، ثم تعود إليه.
وهنا علينا أن نشرح معنى بنوة المسيح لله.
9- بنوّة المسيح لله
بنوة المسيح لله كان لها معنى آخر - حتى عند اليهود أنفسهم، غير بنوة باقي البشر لله. لذلك في معجزة شفائه مريض بيت حسدا أرادوا أن يقتلوه، "لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضًا إن الله أبوه معادلًا نفسه بالله" (يو 5: 18).
إذن بنوته لله كانت تعنى في مفهومهم مساواته بالله.
وبهذا المعنى فهم مجمع السنهدريم بنوته لله: فمزق رئيس الكهنة ثيابه، وقال "قد جدّف. ما حاجتنا بعد إلى شهود؟!" (مت 26: 63-65)
وبهذا المعنى آمن به البعض وسجدوا له كابن لله، كركاب السفينة "سجدوا له قائلين: بالحقيقة أنت ابن الله" (مت 14: 33)، والمولود أعمى -بعد شفائه- لما عرف أنه ابن الله، قال له: أؤمن يا سيد، وسجد له" (يو 9: 35-38) ونثنائيل لما عرف معجزة رؤية المسيح وهو تحت التينة، قال له "يا معلم، أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل" (يو 1: 48-50).
والقديس بطرس الرسول، لما شهد لهذه البنوة قائلًا له "أنت هو المسيح ابن الله الحي" طوبه السيد المسيح قائلًا له "إن لحمًا ودمًا لم يعلن لك، لكن أبى الذي في السموات" (مت 16: 16، 17).
إذن بنوة المسيح من الله تدل على لاهوته.
وليست كبنوة البشر "الذين قبلوه أعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنين باسمه" (يو 1: 12). ولا هي بنوة بالمحبة "أنظروا أية محبة أعطانا الآب أن ندعى أولاد الله" (1يو 3: 1). ولا هي بنوة بالتبني (رو 8: 23).
ولكنها بنوة ذاتية من جوهر الله ومن طبيعته.
كبنوة الشعاع من الشمس، وبنوة الحرارة من النار، وبنوة الفكر من العقل. بهذه البنوة التي لها نفس الطبيعة دعى المسيح ابن الله الوحيد. وبهذه البنوة قال المسيح "أنا والآب واحد" (يو 10: 30) "من رآني فقد رأى الآب" (يو 14: 9) "أنا في الآب والآب فيَّ" (يو 14: 10، 11).
يؤمنون أن المسيح هو الملاك ميخائيل
معتقدهم:
يؤمنون أن السيد المسيح هو الملاك ميخائيل، وهو رئيس ملائكة ورئيس جند الرب، وهو قائد ومارشال هيئة يهوه الحربية، وأمير جيوش يهوه العظيم، وأنه "نْسل المرأة الذي يسحق رأس الحية". ويظهر كل هذا في كتبهم.
· فيقولون في كتابهم (الحق يحرركم)(1):
فالكلمة هو أمير أو رئيس بين جميع الخلائق الأخرى. وفي هذا المركز له اسم آخر في السماء هو ميخائيل الذي يعنى "من مثل الله"..
وهو مُنح أسماء أخرى أيضًا في مجرى الزمان. إنما في كل الرئاسات التي خلقت في عالم الروح غير المنظور، كان ميخائيل واحدًا من الرؤساء الأولين. وفي الوقت المعين صار الرئيس غير المنظور لإسرائيل شعب الله المختار (دا 10: 13، 23) (دا 12: 1) (ويهوذا 9) و(تثنية 34: 5، 6).
كذلك كرئيس يهوه القدير وحامل رسالة، كان لميخائيل ملائكة تحت أمره، ولهذا هو رئيس ملائكة، كما أنه هو الذي يستخدمه يهوه في تطهير كل عصيان من الكون. حتى ولئن كان ذلك في وقت ضيق على الأرض لم يُعرف له نظير من قبل قطعًا. أنظر (رؤ 12: 7-9)، (دا 12: 1)، (مت 24: 22، 21، 3)، (1 تس 4: 16)؟
· ويقولون في كتابهم (الاستعداد):
[تعليقًا على ما ورد في سفر زكريا (1: 8): "وإذا برجل راكب على فرس أحمر، وهو واقف بين الآس الذي في الظل، وخلفه خيل حُمر وشقر وشهب". وكذلك تعليقًا على ما ورد في (أش 63: 2، 3) "ما بال لباسك محمر، وثيابك كدائس المعصرة. قد دست المعصرة وحدي.."] فقالوا:
"الراكب الفرس الأحمر كان ملاك الرب المتأنس، والذي يقدم له الملائكة الباقون بيانًا بنتيجة تفحصهم (زك 1: 11). كان راكبًا على فرس أحمر استعارة عن حرب دموية (أش 63: 2). ويظهر أن الراكب على الفرس الأحمر يمثل المسيح يسوع قائد ومارشال هيئة يهوه الحربية" (مز 45: 4).
· وقالوا في نفس الكتاب (الاستعداد)(3):
"يهوه إله الحرب القدير على القتال (خر 15: 3) (مز 24: 8، 10). لا يحارب إلا في سبيل أمر بار. ولهذا يقول "لكل شيء زمان.. للحرب وقت وللصلح وقت" (جا 3: 1-8)...
.. (بعد الوقت المعين للشيطان).. تنشب حرب ضروس.. تلك الحرب يجب أن تسبق يوم السلام الأبدي على الأرض والمسرة بالناس.. يتعين على المسيح يسوع أمير جيوش يهوه المعظم الانتظار دون أن يحرك ساكنًا ضد الشيطان (مز 110: 1). وقد انتهى ذلك الوقت عام 1914، ونشبت على أثره حرب في السماء (رؤ 11: 17، 18) (رؤ 12: 7).
· ويقولون في كتابهم (هذه هي الحياة الأبدية)(4):
ويحين يوم "نسل المرأة". وتأتى الساعة المعينة لسحق رأس ساحق العقب، وقتل رأس الحية ودوس نسلها وقتلهم. إن المسيح يسوع الملقب بالنسل، هو الملاك العظيم الموفد من قبل يهوه، والموشح بالقوة للقيام بهذا العمل الجبار. إنه رئيس الملائكة المدعو ميخائيل، الذي معناه "من مثل الله". وهو الذي طرح الشيطان وملائكته من السماء بعدما أصلاهم حربًا موفقة (رؤ 20: 1-3).
· أنظر أيضًا ما ورد في كتبهم (الخليقة)(5)، و(الخلاص)(6)، و(نظام الدهور الإلهي)(7)، و(قيثارة الله)(8)، و(ليكن الله صادقًا)(9).
· تعليق: في (يشوع 5: 13) "أنا رئيس جند الرب". فهم يعتبرون أن الذي تكلم هو المسيح، وهو رئيس جند الرب. فيكون هو الملاك ميخائيل:
الرد عَلىَ بِدعتهم:
1- حقًا إن الله ظهر كهيئة ملاك الرب حينما ظهر في العليقة لموسى النبي (خر 3: 2-6). وظهر كرئيس جند الرب ليشوع بن نون، وكلّمه كإله (يش 5: 13-15).
لكن ظهور الله كملاك، لا يعنى أنه ملاك:
كما أن الله ظهر مرارًا كإنسان، وذلك لا يعنى أنه إنسان. ظهر ليعقوب أبى الآباء كإنسان صارعه حتى الفجر، وباركه وغير اسمه (تك 32: 24- 30). فهل كان الله إنسانًا؟! حاشا. وظهر كإنسان لإبراهيم (تك 18: 2، 17).
أما عن أن السيد المسيح لا يمكن أن يكون الملاك ميخائيل ولا أي ملاك آخر، فالردود كثيرة نذكر منها:
2- ما أورده بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين من أن السيد المسيح أعظم من كل طغمات الملائكة:
· منها "لمن من الملائكة قال: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك" (عب 1: 13). وهى نبوءة وردت في (مز 110: 1). وقد جلس السيد المسيح فعلًا عن يمين الله الآب، كما ورد في (مر 16: 19) "ثم أن الرب بعد ما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله" وفي (أع 7: 56) في رؤيا إسطفانوس الشهيد، إذ قال "أنا أنظر السموات مفتوحة، وابن الإنسان قائمًا عن يمين الله". ولم يذكر في الكتاب المقدس أن الملاك ميخائيل قائم أو جالس عن يمين الله.
3- ورد أيضًا أن الملائكة سجدوا للسيد المسيح.
الأمر الذي لم يحدث إطلاقًا للملاك ميخائيل.. وفي هذا يقول القديس بولس الرسول "وأيضًا متى أدخل البكر إلى العالم، ويقول: ولتسجد له كل ملائكة الله" (عب 1: 6). فهل قيل مثل هذا عن الملاك ميخائيل؟! ألم يرد في سفر الرؤيا أن الملاك رفض أن يسجد له يوحنا (رؤ 19: 10) فهل الملاك ميخائيل تجثو له كل ركبة في السماء وعلى الأرض؟! قيل عن السيد المسيح أيضًا في نهاية التجربة على الجبل "وصارت الملائكة تخدمه" (مر 1: 13). من الذي تخدمه الملائكة سوى الله؟!
سجود الملائكة للسيد المسيح وارد في (فى 2: 10) حيث قيل "لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء، ومن على الأرض، ومن تحت الأرض". فهل الملاك ميخائيل تجثو له كل ركبة؟! أم أنه "ضمن كل ركبة في السماء تجثو للمسيح.
4- قيل عن السيد المسيح في سفر المزامير:
"كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب استقامة هو قضيب ملكك" (مز 45: 6) [كلمة كرسيك تترجم أيضًا عرشك].
وقد استشهد القديس بولس الرسول بهذه الآية في (عب 1: 8)، مستشهدًا بها على عظمة السيد المسيح. إذن المسيح ملك على عرش. بينما قيل عن الملائكة "أليس جميعهم أرواحًا خادمة، مُرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1: 14). قيل عنهم "الذي خلق ملائكته أرواحًا وخدامه لهيب نار" (مز 104: 4). أما المسيح فقيل عنه "كرسيك يا الله إلى أبد الدهور".
5- السيد المسيح هو الخالق، والملاك ميخائيل مخلوق.
قيل عن السيد المسيح "كل شيء به كان. وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1: 3). وطبعًا الملاك ميخائيل ضمن كل الشيء الذي به كان. يؤيد هذا ما قيل عن السيد المسيح في الرسالة إلى كولوسي "فإنه فيه خُلق الكل: ما في السموات وما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى. سواء كان عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله خُلق" (كو1: 16). وشهود يهوه أنفسهم يؤمنون أن السيد المسيح خلق كل شيء.
أما الملائكة، ومنهم الملاك ميخائيل، فهم أرواح مخلوقة. وقد قيل عنهم "الذي خلق ملائكته أرواحًا" (مز 104: 4).
6- قيل عن السيد المسيح "أخضعت كل شيء تحت قدميه" (مز 8: 6).
وقد استشهد القديس بولس الرسول بهذه الآية أيضًا. وقال بعدها "لأنه إذ أخضع الكل له، لم يترك شيئًا غير خاضع له" (عب 2: 8). ولا شك أن الملاك ميخائيل ضمن هذا الكل الخاضع للمسيح.
وعن سلطة السيد المسيح هذه التي يخضع لها الكل، قال السيد المسيح لتلاميذه قبل صعوده "دُفع إلىّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض" (مت 28: 18). وسلطان المسيح هذا يخضع له طبعًا الملاك ميخائيل ضمن الباقين.
ملاحظات أخرَى:
7- قيل عن ميخائيل رئيس الملائكة إنه "لما خاصم الشيطان محاجًا عن جسد موسى، لم يجسر أن يورد حكم افتراء، بل قال: لينتهرك الرب" (يه 9).
إذن الملاك ميخائيل لم يجسر أن ينتهر الشيطان.
بل قال "لينتهرك الرب". أما السيد المسيح فكم من مرة انتهر الشيطان.. في إحدى المرات وهو يخرج شيطانًا، صرخ الشيطان: "آه، ما لنا ولك يا يسوع الناصري؟ أتيت لتهلكنا. أنا أعرف من أنت: قدوس الله. فانتهره يسوع قائلًا: اخرس وأخرج منه.. فصاح بصوت عظيم وخرج منه" (مر 1: 25، 26)، وتحير الناس.. "لأنه بسلطان يأمر حتى الأرواح النجسة فتطيعه" (مر 1: 27).
وليس هذا فقط، بل أن السيد المسيح، أعطى هذا السلطان أيضًا لتلاميذه: أن يخرجوا الشياطين (مت 10: 1، 8) (لو 10: 17).
إذن الملاك ميخائيل ليس هو المسيح. لأنه لو كان المسيح لاستطاع أن ينتهر الشيطان. بينما قيل في (يه 9) إنه لم يجسر أن يفعل ذلك. بينما تلاميذ المسيح انتهروا الشياطين وأخرجوهم. وكانت الشياطين تخضع لهم (لو 10: 17).
8- قيل عن السيد المسيح إنه أخلى ذاته وأخذ شكل العبد.
كما ورد في (فى 2: 7). إذن حالة تجسده كانت حالة اتضاع وإخلاء للذات في شكل العبد "أما الملائكة فكل واحد منهم بطبيعته هو عبد لله" (رؤ 19: 10)
9- قيل عن الملائكة إنهم أبناء الله (أي 1: 6) (أى 38: 7). لهم بنوة تشريفية.
أما السيد المسيح فيختلف عنهم. لأنه ابن الله الوحيد (يو 3: 16، 18) (يو 1: 18) (1 يو 4: 9). لأنه الوحيد الذي هو ابن الله من جوهره، ومن طبيعته، ومن لاهوته. وعبارة (الابن الوحيد) تميزه عن بنوة كل الناس لله، وعن بنوة كل الملائكة لله بما فيهم الملاك ميخائيل.
10- قال السيد المسيح "أنا والآب واحد" (يو 10: 30)
وكرر هذا المعنى في (يو 17: 22). ولا يمكن أن يجرؤ الملاك ميخائيل أن يقول "أنا والآب واحد". كما لا يجرؤ الملاك ميخائيل أن يقول -كما قال السيد المسيح- "أنا في الآب، والآب فىّ" (يو 14: 10، 11) "الذي رآني فقد رأى الآب" (يو 14: 9).
11- لا الملاك ميخائيل، ولا غيره من رؤساء الملائكة نسبت إليهم الخصائص الإلهية التي نُسبت إلى السيد المسيح.
مثل الألوهية (يو 1: 1) (رو 9: 5) (أش 9: 6). والقدرة على الخلق (مز 102: 25-27) (أم 22: 30) معجزة تحويل الماء إلى خمر (يو 2)، إشباع الجموع من خمس خبزات وسمكتين...
ولا أحد من الملائكة نُسب إليه الوجود في كل مكان (يو 3: 13). وكما قال السيد المسيح عن نفسه "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم" (مت 18: 20)
ومن لاهوت المسيح قراءة الأفكار (مر 2: 6-8). وعن الخصائص اللاهوتية للسيد المسيح
اقرأ كتاب: لاهوت المسيح
12- السيد المسيح هو الديان، يجازى كل واحد حسب عمله.
لقد قال: ومتى جاء ابن الإنسان في مجده، وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسى مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب. فيميز بعضهم عن بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه، والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه "تعالوا إلىَ يا مباركي أبى، رثو المُلك المُعد لكم منذ تأسيس العالم.. ثم يقول للذين عن اليسار "اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المُعدة لإبليس وملائكته" (مت 25: 31- 41).
فإن كان الملاك ميخائيل هو المسيح، فهل الملاك ميخائيل هو الديان، أم الديان هو الله (مز 50: 6) الذي يأتي ليدين المسكونة بالعدل (مز 96: 13) (مز 98: 9). وهو المسيح الإله القدير.
لقد قال المسيح أيضًا "إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته. وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله" (مت 16: 27). فهل الملاك ميخائيل الذي لم يجسر أن ينتهر إبليس (يه9)، سيجازى كل واحد حسب عمله؟! حاشا.
وهل الملاك ميخائيل سوف يأتي في مجد الآب؟!
كما ورد عن السيد المسيح في (مت 16: 27) وأيضًا في (لو 9: 21) إنه يأتي "بمجده ومجد الآب" بينما يقول الرب "أنا الرب هذا اسمي، ومجدي لا أعطيه لآخر" (أش 42: 8). "من له أذنان للسمع فليسمع" (مت 13: 43).
الجزء الثالث
الجزء الرابع والاخير